فِي كَوْنِهِ يَأْخُذُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالرُّجُوع إلَيْهِمْ ثُمَّ إنَّهُمْ يُسْتَدَلُّونَ عَلَى جَوَاز هَذَا الْأَذَانِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ مِمَّا مَضَى عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى أَنَّ الْقَاعِدَةَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا حَدَثَ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يُقْتَدَى بِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْفِتْنَةُ مِنْ هَاهُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» وَأَشَارَ إلَى الْمَشْرِقِ وَمَا حَدَثَ بِالشَّامِ إلَّا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ. ثُمَّ اُنْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى الْبِدْعَةِ إذَا حَدَثَتْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَيْهَا وَحْدَهَا بَلْ يَضُمُّ إلَيْهَا بِدَعًا أَوْ مُحَرَّمَاتٍ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمَا أَنْ أَحْدَثُوا هَذَا الْأَذَانَ تَعَدَّتْ بِدْعَتُهُ إلَى مُحَرَّمٍ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ الْمَأْمُومِينَ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ بِتِلْكَ الْأَلْحَانِ وَذَلِكَ كَلَامٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى سَبِيلِ الْعَمْدِ لَا لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ بِذَلِكَ وَإِذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ سَرَى ذَلِكَ إلَى فَسَادِ مَنْ ائْتَمَّ بِتَسْمِيعِهِمْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاقْتِدَاءُ إلَّا بِأَحَدِ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فَإِنْ عُدِمَتْ فَلَا ائْتِمَامَ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَهِيَ أَنْ يَرَى أَفْعَالَ الْإِمَامِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَسَمَاعُ أَقْوَالِهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَرُؤْيَةُ أَفْعَالِ الْمَأْمُومِينَ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَسَمَاعُ أَقْوَالِهِمْ وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا فِي صَلَاةٍ لِمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّسْمِيعِ جَمَاعَةً بِالْأَلْفَاظِ الْمَفْهُومَةِ فَإِنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى بِتَسْمِيعِهِمْ بِنَاءً عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي صَلَاتِهِمْ هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ
[فَصْلٌ فِي النَّهْيِ عَنْ الْأَذَانِ فِي الْمَسْجِدِ]
ِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْأَذَانِ ثَلَاثَةَ مَوَاضِعَ الْمَنَارُ وَعَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَعَلَى بَابِهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَمْنَعُ مِنْ الْأَذَانِ فِي جَوْفِ الْمَسْجِدِ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَذَلِكَ جَائِزٌ فِي جَوْفِهِ.
وَأَمَّا الْإِقَامَةُ فَلَا تَكُونُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْأَذَانَ إنَّمَا هُوَ نِدَاءٌ لِلنَّاسِ لِيَأْتُوا إلَى الْمَسْجِدِ وَمَنْ كَانَ فِيهِ فَلَا فَائِدَةَ لِنِدَائِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ تَحْصِيلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute