للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّوَائِبِ عَنْهَا وَتَرْكِ الدَّعَاوَى وَالْمُبَاهَاةِ لَا جَرَمَ أَنَّ الظَّالِمَ كَانَ لَا يُطَاقُ رَجَعَ لِأَجْلِ بَرَكَةِ مَا ذَكَرَ مِنْ حَالِهِ خَائِفًا مِنْهُ فَزِعًا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ تَعَالَى وَسُنَّتُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِمْ وَاحِدَةٌ لَا يَخْذُلُهُمْ وَلَا يَتْرُكُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتْرَكُ لِنَفْسِهِ مَنْ كَانَ مَعَهَا وَلَوْ فِي وَقْتٍ مَا.

أَمَّا مَنْ كَانَ مَعَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ بَتَّ طَلَاقَ نَفْسِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّ أَمْرَ هَذَا لَا يُطَاقُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْطِقُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَرِيًّا عَنْ حُظُوظِ نَفْسِهِ مُقْبِلًا عَلَى مَا يَلْزَمُهُ وَيَعْنِيهِ مُعْرِضًا عَمَّا سِوَى ذَلِكَ جَاءَ مَا وَرَدَ عَنْهُ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إخْبَارًا عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: «لَوْ كَادَتْهُ أَهْلُ السَّمَوَاتِ وَأَهْلُ الْأَرْضِ لَجَعَلْت لَهُ مِنْ أَمْرِهِ فَرَجًا وَمَخْرَجًا» .

وَمَنْ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي دُنْيَاهُ فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُهُ وَكَرَامَتُهُ حِينَ الْقُدُومِ عَلَيْهِ؟ {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: ١٧] وَهَذَا الْخَيْرُ كُلُّهُ أَصْلُهُ النِّيَّةُ وَتَحْرِيرُهَا وَالْوُقُوفُ مَعَهَا وَالِاهْتِمَامُ بِهَا فَكَيْفَ يُغْفَلُ عَنْهَا أَوْ تُتْرَكُ أَوْ يَرْضَى عَاقِلٌ أَنْ يَتْرُكَ لِنَفْسِهِ تَذَكُّرَهَا؟ هَذَا غَيْرُ كَامِلِ الْعَقْلِ ضَرُورَةً نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى السَّلَامَةَ بِمَنِّهِ فَحَصَلَ لَنَا فِي لُبْسِ الثَّوْبِ مِنْ النِّيَّاتِ سَبْعَ عَشْرَةَ نِيَّةً.

وَمَنْ نَظَرَ وَأَعْطَاهُ اللَّهُ نُورًا ازْدَادَ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرَ مِمَّا ذُكِرَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَكَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ فِيهِ]

ِ فَإِذَا لَبِسَ الثَّوْبَ عَلَى مَا ذُكِرَ يَحْتَاجُ إذْ ذَاكَ أَنْ يَسْتَبْرِئَ أَوْ يُزِيلَ حُقْنَةً وَيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا فَإِذَا دَخَلَ لِرَاحَةِ نَفْسِهِ فَلَهُ مَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ نِيَّتُهُ وَإِنْ دَخَلَ سَاهِيًا أَوْ غَافِلًا فَكَالْأَوَّلِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَفْعَالَ قَدْ بَقِيَتْ عَلَى قِسْمَيْنِ: وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ. وَهَذَا عَلَى الْوُجُوبِ لَا شَكَّ فِيهِ وَمَنْ فَعَلَ الْوَاجِبَ كَانَ لَهُ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

بَيَانُ وُجُوبِهِ مَا وَقَعَ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَاجِبٌ أَعْنِي اسْتِفْرَاغَ مَا فِي الْمَحَلِّ مِنْ مَادَّةِ الْبَوْلِ وَكَذَلِكَ إزَالَةُ الْحُقْنَةِ أَيْضًا وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>