بِهَا فِي الْكُتُبِ، وَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ يَكْثُرُ فَهَذِهِ صِفَاتُ الْمَغْمُومِينَ عَلَى الْحَقِيقَةِ الْمَسْرُورِينَ بِاَللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ الْفَرِحِينَ بِهِ الْمُنْقَطِعِينَ إلَيْهِ، - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ -
[فَصْلٌ فِي عُيُوبِ النَّفْسِ]
وَقَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - إخْوَانِي: إنَّهُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ نَفْسَهُ، وَعُيُوبَهَا فَهُوَ مِنْ اسْتِقَامَةِ دِينِهِ عَلَى اعْوِجَاجٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ حُسْنِ سِيرَةِ الْعَارِفِ بِعُيُوبِ نَفْسِهِ أَنْ لَا يَبْنِيَ دِينَهُ عَلَى قُبْحٍ، وَلَا فَسَادٍ، وَأَصْلُ الْعِلْمِ الْغَرِيبِ يُدْرَكُ بِفِطَنِ الْعُقُولِ الْمَرْضِيَّةِ، وَبِنُورِ الْحِكْمَةِ الثَّاقِبَةِ، وَبِمُخَالَفَةِ الْأَهْوَاءِ، وَبِفَوَائِدِ الْمَعْرِفَةِ الشَّافِيَةِ، وَبِإِصَابَةِ الْحَقِّ فِي الْقَوْلِ، وَالْعَمَلِ بِالْبَصِيرَةِ، وَلَا يَبْلُغُ هَذِهِ الْمَرَاتِبَ الْعَالِيَةَ إلَّا مَنْ تَقَلَّدَ حُبَّ الْآخِرَةِ مُوقِنًا بِهَا، وَرَاغِبًا فِيهَا، وَمُؤْثِرًا لَهَا عَلَى مَا سِوَاهَا، وَخَلَعَ عَنْ قَلْبِهِ حُبَّ الدُّنْيَا، وَزَهِدَ فِيهَا بِالْحَقِيقَةِ، وَاسْتَشْعَرَ التَّوَاضُعَ، وَهَجَرَ الْهَوَى فَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ الْحَازِمِ اللَّبِيبِ الْعَالِمِ الْعَامِلِ الْعَارِفِ الْبَصِيرِ أَنْ يَحْذَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَيَتَّخِذَ الصَّبْرَ مَطِيَّةً، وَلَا يَبْتَغِيَ تَعْجِيلَ الثَّوَابِ، وَيَتَحَرَّكَ لِعَزِيمَةِ الصَّبْرِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ
[فَصْلٌ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى مَعْرِفَةِ عُيُوبِ النَّفْسِ]
ِ وَقَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْلَمْ أَنِّي وَجَدْتُ الَّذِي يُعِينُ عَلَى مَعْرِفَةِ عُيُوبِ النَّفْسِ، وَالْعَمَلِ فِي مُجَاهَدَتِهَا مُخَالَفَةَ الْهَوَى - وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ - يَا أَخِي إنَّهُ لَنْ يُعْدِمَكَ مِنْ عَدُوِّك خَاطِرُ الشَّرِّ فِي الْقَلْبِ لِلْمَعْصِيَةِ فَادْفَعْهُ عَنْك بِحَاكِمِ الْعِلْمِ مِنْ الْقَلْبِ لِلطَّاعَةِ، وَإِنَّهُ لَنْ يُعْدِمَكَ مِنْ نَفْسِك سُرْعَةُ الْقَبُولِ لِمُوَافَقَةِ الْهَوَى فَادْرَأْهُ عَنْك بِقِلَّةِ الْمُسَاعَدَةِ لِخِلَافِ الْهَوَى، وَأَنَّهُ لَنْ يُعْدِمَكَ مِنْ عَدُوِّك التَّثَبُّطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute