قِرْبَةُ مَاءٍ، فَلَمَّا نَظَرَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَا أَجِدُ مِنْ النَّاسِ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي فَأَتَاهُمْ بِعِذْقٍ مِنْ رُطَبٍ، وَبُسْرٍ وَتَمْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَلَا اجْتَنَيْته فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخَيَّرُوا عَلَى أَعْيُنِكُمْ، ثُمَّ أَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إيَّاكَ وَالْحَلُوبَ فَذَبَحَ لَهُمْ شَاةً فَأَكَلُوا، وَشَرِبُوا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ نَعِيمِ هَذَا الْيَوْمِ، وَفِي لَفْظٍ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ.»
[فَصْلٌ اسْتِحْضَارُ الْمُرْدِ فِي مَجَالِسِهِمْ وَالنَّظَرُ فِي وُجُوهِهِمْ]
(فَصْلٌ) وَيُقَالُ: إنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ تُضِيفُ إلَى مَا هِيَ فِيهِ مِنْ الْبَاطِلِ اسْتِحْضَارَ الْمُرْدِ فِي مَجَالِسِهِمْ، وَالنَّظَرِ فِي وُجُوهِهِمْ، وَرُبَّمَا زَيَّنُوهُمْ بِالْحُلِيِّ، وَالْمُصَبَّغَاتِ مِنْ الثِّيَابِ، وَتَزْعُمَ أَنَّهَا تَقْصِدُ بِذَلِكَ الِاسْتِدْلَالَ بِالصَّنْعَةِ عَلَى الصَّانِعِ قَالَ الْأُسْتَاذُ الْقُشَيْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهُوَ مِنْ رُؤَسَاءِ وَطَائِفَتِهِمْ قَوْلًا عَظِيمًا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَكَشْفِ فَضَائِحِهِمْ: مَنْ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَبْدٌ أَهَانَهُ اللَّهِ، وَخَذَلَهُ، وَكَشَفَ عَوْرَتَهُ، وَأَبْدَى سَوْأَتَهُ فِي الْعَاجِلِ، وَلَهُ عِنْدَ اللَّهِ سُوءُ الْمُنْقَلَبِ فِي الْآجِلِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا» خَبَّبَ أَيْ أَفْسَدَ، وَخَدَعَ، وَأَصْلُهُ مِنْ الْخِبِّ، وَهُوَ الْخُدْعُ، وَيُقَالُ: فُلَانٌ خِبٌّ هَبٌّ إذَا كَانَ فَاسِدًا مُفْسِدًا قَالَ الْوَاسِطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الصُّوفِيَّةِ: إذَا أَرَادَ اللَّهُ هَوَانَ عَبْدٍ أَلْقَاهُ إلَى هَؤُلَاءِ الْأَنْتَانِ الْجِيَفِ أَوَ لَمْ تَسْمَعُوا إلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} [النور: ٣٠] ؟ .
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَك الْأُولَى، وَلَيْسَتْ لَك الْآخِرَةُ» ، وَقَالَ: بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: بَعْضُ التَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُحَدِّقَ الرَّجُلُ النَّظَرَ إلَى الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ الْوَجْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: لِلشَّيْطَانِ مِنْ الرَّجُلِ ثَلَاثَةُ مَنَازِلَ فِي نَظَرِهِ وَقَلْبِهِ وَذَكَرِهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كُلُّ نَظْرَةٍ يَهْوَاهَا الْقَلْبُ لَا خَيْرَ فِيهَا، وَقَالَ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَبَثَ بِغُلَامٍ بَيْنَ أَصَابِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute