فِي الطُّرُقِ، وَالْأَسْوَاقِ وَدُخُولِهِنَّ الْبُيُوتَ عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ يَفْتَتِنُ بِهِنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، وَيَسْكُتُ لَهُنَّ الْعَالِمُ وَغَيْرُهُ وَيَعِظُونَهُنَّ وَلَا يُنْكِرُونَ عَلَيْهِنَّ ذَلِكَ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ
[الموسم الثَّانِي عِيدُ الْفِطْرِ]
. عِيدُ الْفِطْرِ (فَصْلٌ)
، وَالسُّنَّةُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ التَّوْسِعَةُ فِيهِ عَلَى الْأَهْلِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ مِنْ الْمَأْكُولِ، إذْ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ فِيهِ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ فَمَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ فِيهِ، فَقَدْ امْتَثَلَ السُّنَّةَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ فِيهِ طَعَامًا مَعْلُومًا، إذْ هُوَ مِنْ الْمُبَاحِ لَكِنْ بِشَرْطِ عَدَمِ التَّكَلُّفِ فِيهِ وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَجْعَلَ ذَلِكَ سُنَّةً يُسْتَنُّ بِهَا فَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً، وَإِذَا وَصَلَ الْأَمْرُ إلَى هَذَا الْحَدِّ فَفِعْلُ ذَلِكَ بِدْعَةٌ، إذْ أَنَّهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ يُنْسَبُ إلَى السُّنَّةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى لِسَانِ الْعِلْمِ.
وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ الْيَوْمَ مِنْ شِرَاءِ الْخُشْكِنَانِ فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْكَعْكِ الْمَحْشُوِّ بِالْعَجْوَةِ؛ لِأَنَّ مَا فِي بَاطِنِهِ تَبَعٌ لِظَاهِرِهِ بِخِلَافِ الْخُشْكِنَانِ وَالْبُسْنَدُودِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ تَبَعٌ لِبَاطِنِهِ فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ إلَّا أَنْ يَكْسِرَ كُلَّ وَاحِدَةٍ وَيَرَى جَمِيعَ مَا فِي بَاطِنِهَا.
وَعَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ كَسْرٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكْسِرَ وَاحِدَةً وَيُعَايِنَ جَمِيعَ مَا فِي بَاطِنِهَا، ثُمَّ يَشْتَرِيَ الْبَاقِيَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَفِيهِ مِنْ الْبِدَعِ كَوْنُهُمْ يَبُخُّونَهُ بِمَاءِ الْوَرْدِ.
وَالْبِدْعَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَهُمْ صِيَامٌ، وَحَالُ فَمِ الصَّائِمِ كَمَا قَدْ عُلِمَ، وَكَذَلِكَ فِعْلُهُمْ فِي بَخٍّ الْكَعْكِ بِالشَّيْرَجِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَهُمْ صِيَامٌ أَيْضًا، وَحَالُ فَمِ الصَّائِمِ كَمَا قَدْ عُلِمَ فَيُعَرِّضُ الصَّائِمُ نَفْسَهُ لِلْفِطْرِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ مُسْتَقْذَرًا، وَكَثِيرٌ مِنْ الْيَهُودِ يَعْمَلُونَهُ وَيَبِيعُونَهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُؤْتَمَنُونَ مِنْ أَنْ يَبُخُّونَهُ كَمَا يَفْعَلُ الْمُسْلِمُونَ، وَهَذَا لَا يَنْبَغِي لِوُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ سُؤْرَ الْيَهُودِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute