للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ)

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَأَ بِنَعْلِهِ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَتَعَاطَى عَلَيْهِ الْبَيْعَ لِئَلَّا يُنَجِّسَهُ بِذَلِكَ، وَلَا يَتْرُكَهُ مَكْشُوفًا حِينَ غَيْبَتِهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُهْرَاقُ شَيْءٌ مِمَّا يَبِيعُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَيَجْمَعُهُ وَيَرُدُّهُ فِي وِعَائِهِ أَوْ فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ قَدْ يَتَنَجَّسُ فِي مُبَاشَرَتِهِ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ فَيُطْعِمُ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَنَجِّسَ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَأْمَنُ مِنْ أَنْ يَدِبَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْحَشَرَاتِ الْمَسْمُومَةِ فَلْيَتَحَفَّظْ مِنْ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ.

ثُمَّ لَا يَخْلُو حَالُ الْبَائِعِ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَزِنَ تِلْكَ السِّلَعَ فِي كِفَّةِ مِيزَانِهِ أَوْ يُعَايِرَ وِعَاءَ الْمُشْتَرِي وَيَزِنَ لَهُ فِيهِ وَهَذَا الْوَجْهُ أَسْلَمُ لِتَحَقُّقِ الْبَائِعِ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ فَإِنْ كَانَ يَزِنُ فِي كِفَّةِ مِيزَانِهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ كِفَّةُ الْمِيزَانِ سَالِمَةً مِنْ النَّجَاسَةِ وَمِمَّا تَسْتَقْذِرُهُ النُّفُوسُ وَمَعَ ذَلِكَ يُغَطِّيهَا حِينَ غَيْبَتِهِ. وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِمَّا اعْتَادَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ مَسْحِهِ لِكِفَّتَيْ الْمِيزَانِ بِشَيْءٍ مِنْ الْخِرَقِ الَّتِي جُمِعَتْ مِنْ الطُّرُقِ الَّتِي لَا تَخْلُو فِي الْغَالِبِ مِنْ خِرَقِ الْحَيْضِ وَمِنْ أَثَرِ ذَوِي الْعَاهَاتِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ وَإِنْ غُسِلَتْ؛ لِأَنَّ غَسْلَهَا لَا يُزِيلُ أَذَاهَا ثُمَّ إذَا فَرَّغَ السِّلْعَةَ الَّتِي فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي فَلْيُبَالِغْ فِي مَسْحِهَا بِيَدِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى فِي الْكِفَّةِ شَيْءٌ مِمَّا وَزَنَهُ لَهُ فَإِنْ كَانَ يَسْكُبُ مِنْ كِفَّةِ الْمِيزَانِ فِي الْقَدَّاحَةِ فَلْيُبَالِغْ أَيْضًا فِي تَصْفِيَةِ الْقَدَّاحَةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْكِفَّةِ لَكِنَّهُ يَتَرَبَّصُ قَلِيلًا حَتَّى يُنَقِّطَ مَا بَقِيَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مَسْحِهَا كَالْكِفَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُرَجِّحَ لِلْمُشْتَرِي فِي الْوَزْنِ بِقَدْرِ مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ مَا زَادَهُ أَكْثَرُ مِمَّا بَقِيَ فِي الْكِفَّةِ أَوْ الْقَدَّاحَةِ سِيَّمَا حِينَ اسْتِعْجَالِهِ لِكَثْرَةِ الْمُشْتَرِينَ مِنْهُ ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ يَجْعَلُ الْبَائِعُ الْقَدَّاحَةَ عَلَى وِعَاءٍ طَاهِرٍ نَظِيفٍ فَإِنْ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ تَصَفَّتْ فِي ذَلِكَ الْوِعَاءِ فَإِنْ اجْتَمَعَ فِيهِ شَيْءٌ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْ أَصْحَابِهِ.

وَقَدْ كَانَ بَعْضُ مَنْ يَتَحَرَّى عَلَى دِينِهِ بِمَدِينَةِ فَاسَ قَدْ جَلَسَ فِي دُكَّانِهِ يَبِيعُ مَا ذُكِرَ فَاجْتَمَعَ لَهُ فِي وِعَاءِ الْقَدَّاحَةِ مَا اجْتَمَعَ فَلَمَّا أَنْ رَآهُ قَالَ: هَذَا مِلْكُ الْغَيْرِ مُحَقَّقٌ قَدْ تَعَمَّرَتْ الذِّمَّةُ بِهِ وَإِنْ سَامَحَ بِهِ بَعْضُهُمْ فَقَدْ لَا يُسَامِحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>