وَالْخُلُولِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ فِي الْحِسِّ وَالْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ لَا يَرْجِعُ نَضُوحًا بِالنِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ
(فَصْلٌ)
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِي السَّمْنِ أَنْ لَا يَخْلِطَهُ بِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ بِجِنْسِهِ الْقَدِيمِ أَوْ الرَّدِيءِ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ بَابِ الْغِشِّ؛ لِأَنَّ الْجَدِيدَ يُسْتَعْمَلُ لِلْأَكْلِ وَالْقَدِيمَ يَنْفَعُ لِلْأَمْرَاضِ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَرَاهِمِ النَّافِعَةِ وَبِحَسَبِ قِدَمِهِ تَكُونُ مَنْفَعَتُهُ وَالْغَالِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يُرِيدُ إلَّا السَّمْنَ الَّذِي لِلْأَكْلِ وَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ الْجَدِيدُ مِنْهُ وَأَمَّا الْقَدِيمُ فَلَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ.
وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْأَغْرَاضُ فِيهِمَا فَيَتَعَيَّنُ أَنْ لَا يَخْلِطَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ وَإِلَّا فَهُوَ غِشٌّ.
وَبَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ يَغُشُّونَ بِأَنْ يَخْلِطُوهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَهُوَ الشَّحْمُ، وَلَا خَفَاءَ فِي تَحْرِيمِ هَذَا.
وَالسَّمْنُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: بَقَرِيٌّ وَهُوَ أَطْيَبُهُ وَجَامُوسِيٌّ وَغَنَمِيٌّ. فَالْبَقَرِيُّ عَلَامَةُ الْخَالِصِ مِنْهُ أَنَّهُ أَصْفَرُ خِلْقَةً. وَالْجَامُوسِيُّ وَالْغَنَمِيُّ أَبْيَضُ خِلْقَةً وَبَعْضُ النَّاسِ يَغُشُّ بِأَنْ يَجْعَلَ فِي الْجَامُوسِيِّ وَالْغَنَمِيِّ صَبْغًا يَصِيرُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْفَرَ. وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ فِي الزُّبْدِ وَذَلِكَ غِشٌّ فَإِنْ وَقَعَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ غِشٌّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ. ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُمْ تَغَالَى فِي الْغِشِّ، حَتَّى إنَّهُ لَيَجْعَلُ بَعْضَ حَوَائِجَ فِي اللَّبَنِ فَيَصِيرُ كُلُّهُ سَمْنًا فِي الظَّاهِرِ وَفَرْقٌ كَثِيرٌ مَا بَيْنَ مَنْفَعَةِ السَّمْنِ وَمَنْفَعَةِ اللَّبَنِ سِيَّمَا وَاللَّبَنُ إذَا قَدُمَ فَإِنَّهُ يَكْثُرُ ضَرَرُهُ وَهَذَا أَكْثَرُ غِشًّا مِمَّا قَبْلَهُ. وَالْمَقْصُودُ أَنْ يَجْتَنِبَ الْغِشَّ كُلَّهُ فِي هَذَا وَغَيْرِهِ وَهَذَا مُتَعَيَّنٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُتَسَبِّبِينَ فِيمَا يُحَاوِلُونَهُ مِنْ السِّلَعِ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ.
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِي الْوَزْنِ أَنْ يَحْتَرِزَ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ وَشَحَّتْ قَلِيلًا يُعْطِيهَا لِلْمُشْتَرِي وَيَزِيدُهُ عَمَّا شَحَّ مِنْ وَزْنِهَا جُزَافًا وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي هَذَا الزَّمَانِ سِيَّمَا فِي هَذِهِ السِّلَعِ خَاصَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute