فَيَتَعَيَّنُ تَرْكُ اسْتِعْمَالِ أَهْلِ الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوُجُوهِ وَلِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمَنُونَ عَلَى حَرِيمِ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يُشْرِفُ مِنْهُ عَلَى بَعْضِ جِيرَانِ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَالَ: فَرَأَيْت شَابًّا يَهُودِيًّا دَخَلَ بَيْتًا فِي الرَّبْعِ الَّذِي كَانَ مُشْرِفًا عَلَيْهِ وَكَانَ فِيهِ نِسَاءٌ مُجْتَمَعَاتٌ فَخَرَجَتْ إحْدَاهُنَّ إلَى الْكَحَّالِ وَخَلَا بِهَا فَكَحَّلَ عَيْنَيْهَا ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا مَا يُصِيبُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ " فَلَا أَدْرِي أَرَادَ الْوَطْءَ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ " قَالَ: فَلَمْ أَتَمَالَكْ نَفْسِي حَتَّى أَخَذْت عَصًا وَنَزَلْت إلَى بَابِ الْمَوْضِعِ فَلَمَّا أَنْ خَرَجَ الْيَهُودِيُّ ضَرَبْته الضَّرْبَ الْمُوجِعَ وَتَوَّبْتُهُ أَنْ لَا يَعُودَ قَالَ: وَلَوْ كَانَ مَعِي غَيْرِي أَشْهَدْت عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى هَذَا الْحَالِ مَا أَشْنَعَهُ وَأَقْبَحَهُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُسْلِمَةَ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَكْشِفَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهَا عَلَى الْمَرْأَةِ الْكِتَابِيَّةِ فَكَيْفَ بِوُقُوعِ هَذَا الْأَمْرِ الْفَظِيعِ وَكُلُّ ذَلِكَ سَبَبُهُ التَّسَامُحُ وَالتَّغَافُلُ عَنْ التَّوَقِّي مِنْ خُلْطَةِ أَهْلِ الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ وَاسْتِعْمَالِهِمْ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَعَادَ الْأَمْرُ كَمَا تَرَى، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.
فَعَلَى هَذَا فَمَنْ اسْتَعْمَلَهُمْ وَأَصَابَهُ شَيْءٌ فِي بَدَنِهِ أَوْ عَيْنَيْهِ كَانَ غَيْرَ مَأْجُورٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهِ إذْ إنَّهُمْ لَا يُؤْمَنُونَ.
ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْأُنْسِ وَالْوُدِّ لَهُمْ، وَإِنْ قَلَّ إلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَخْلَاقِ أَهْلِ الدِّينِ وَمَعَ ذَلِكَ يُخْشَى عَلَى دِينِ بَعْضِ مِنْ يَسْتَطِبُّهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِقَوْلِهِ مِنْ الْإِخْوَانِ أَنَّهُ مَرِضَ عِنْدَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ فَأَبَى الْمَرِيضُ إلَّا أَنْ يُؤْتَى إلَيْهِ بِفُلَانٍ الْيَهُودِيِّ فَجِيءَ بِهِ إلَيْهِ وَبَقِيَ يُوَاظِبُهُ قَالَ: فَرَأَيْت الْيَهُودِيَّ الَّذِي يُبَاشِرُهُ فِي النَّوْمِ وَهُوَ يَقُولُ لِي: دِينُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُوَ الدِّينُ الْقَدِيمُ وَالدِّينُ الَّذِي يَتَعَيَّنُ التَّمَسُّكُ بِهِ فَهُوَ الدِّينُ الْأَقْوَمُ، وَبَقِيَ يُشَنِّعُ وَيَقُولُ قَالَ: فَانْتَبَهْت مِنْ نَوْمِي وَأَنَا مَذْعُورٌ وَالْتَزَمْت أَنْ لَا يَدْخُلَ لِي مَنْزِلًا أَبَدًا وَبَقِيت إذَا لَقِيته فِي طَرِيقٍ أَسْلُكُ غَيْرَهُ وَأَخَافُ أَنْ يَصِلَ إلَيَّ شَيْءٌ مِنْ وَبَالِهِ فَهَذَا قَدْ رُحِمَ بِسَبَبِ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute