للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَصْدُ إلَيْهِ وَإِيثَارُهُ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ.

وَيَنْبَغِي لِلشَّرَابِيِّ أَنْ يَتَأَنَّى فِيمَا يُطْلَبُ مِنْهُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَغَيْرِهَا وَيَسْأَلَ مَنْ يَطْلُبُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيُكَرِّرَ عَلَيْهِ السُّؤَالَ فَرُبَّمَا غَلِطَ الطَّبِيبُ أَوْ غَفَلَ عَنْ شَيْءٍ فَيَكُونُ الشَّرَابِيُّ يَسْتَدْرِكُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الشَّرَابِيُّ لَا يَعْرِفُ شَيْئًا فَيَنْبَغِي مِنْ بَابِ الْأَكْمَلِ وَالْأَحْسَنِ أَنْ لَا يَتَسَبَّبَ فِي هَذَا السَّبَبِ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ فَيَتَأَكَّدُ فِي حَقِّهِ التَّوَقُّفُ فِي السُّؤَالِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ بِوَصْفِهِ عَارِفٌ

(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَرَّزَ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَثَلًا يَطْلُبُ أُوقِيَّتَيْنِ مِنْ شَرَابَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَثَمَنُهُمَا وَاحِدٌ فَيَجْعَلُ الْأُوقِيَّتَيْنِ أَوَّلًا فِي الْمِيزَانِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ هَذَا وَمِنْ هَذَا عَلَى الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ وَهَذَا قَدْ مَنَعَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِلْجَهَالَةِ الْمَوْجُودَةِ فِيهِ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَزِنَ لَهُ أَوَّلًا أُوقِيَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَحَدِ الشَّرَابَيْنِ ثُمَّ يَزِنَ لَهُ بَعْدَهَا أُوقِيَّةً أُخْرَى مِنْ الشَّرَابِ الْآخَرِ. وَهَذَا أَمْرٌ سَهْلٌ لَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ مَشَقَّةٍ

(فَصْلٌ) وَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ لَهُ أَمْرٌ أَنْ يُقِيمَ مِنْ الْأَسْوَاقِ مَنْ يَشْتَغِلُ بِهَذَا السَّبَبِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ النَّصَارَى عِنْدَهُمْ أَبْوَالُهُمْ طَاهِرَةٌ، وَلَا يَتَدَيَّنُونَ بِتَرْكِ نَجَاسَةٍ إلَّا دَمَ الْحَيْضِ فَقَطْ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالشَّرَابُ الْمَأْخُوذُ مِنْ النَّصَارَى الْغَالِبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَنَجِّسٌ.

وَأَمَّا الْيَهُودُ فَإِنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِغِشِّ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا أُخِذَ مِنْهُمْ شَرَابٌ فَغَالِبُ الظَّنِّ فِيهِ أَنَّهُ مَغْشُوشٌ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ مَنْعُهُمْ مِنْ الْإِقَامَةِ فِي الْأَسْوَاقِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا لِعُلَمَائِنَا - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - مِنْ الْأَمْرِ بِإِقَامَتِهِمْ مِنْ الْأَسْوَاقِ فِي غَيْرِ هَذَا فَكَيْفَ بِهِ فِي هَذَا السَّبَبِ الَّذِي يَتَمَكَّنُونَ بِهِ مِنْ ضَرَرِ مَرْضَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ هَذَا لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا عَلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ بَلْ هُوَ مُتَعَيِّنٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ.

وَيَنْبَغِي لِلشَّرَابِيِّ أَنْ يَتَحَفَّظَ عَلَى أَوْعِيَةِ الشَّرَابِ بِأَنْ يَصُونَهَا بِالتَّغْطِيَةِ وَأَنْ يَتَفَقَّدَهَا وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ سِيَّمَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>