وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ، وَآكَدُ مَا عَلَيْهِ فِي التَّقْوَى اجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ» ، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَلَا تَقْرَبُوا» فَإِذَا اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَمَلِ
وَمِنْ آكَدِ الْأُمُورِ عَلَيْهِ تَخْلِيصُ ذِمَّتِهِ مِنْ إخْوَانِهِ، وَجُلَسَائِهِ، وَمَعَارِفِهِ، وَغَيْرِهِمْ إذْ تَخْلِيصُ الذِّمَّةِ هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَالْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ فَلْيُحْذَرْ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْخَطِرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ عَمَّتْ بِهِمَا الْبَلْوَى لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِمَا عَلَى الْأَلْسُنِ، وَهُمَا الْغِيبَةُ، وَالنَّمِيمَةُ فَالنَّمِيمَةُ: أَنْ تَنْقُلَ حَدِيثَ قَوْمٍ إلَى آخَرِينَ، وَالْغِيبَةُ: أَنْ تَقُولَ فِي غَيْبَةِ الشَّخْصِ مَا يَكْرَهُهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا، وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ بَاطِلًا فَهُوَ الْبُهْتَانُ بِعَيْنِهِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ «أَيُّ بَلَدٍ هَذَا إلَى أَنْ قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، وَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ إلَى أَنْ قَالَ: أَلَا هَلْ بَلَّغْت أَلَا هَلْ بَلَّغْت مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا» فَأَكَّدَ الْأَمْرَ فِي الثَّلَاثِ كَمَا تَرَى، وَالنَّاسُ فِي ذَلِكَ مُنْقَسِمُونَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ لَا خَامِسَ لَهَا:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: السَّالِمُ مِنْ الْجَمِيعِ {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠] {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة: ١٠] {أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: ١١] {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: ٥] .
الْقِسْمُ الثَّانِي: عَكْسُ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَنْ كَانَتْ لَهُ الْقُدْرَةُ، وَالْجِدَّةُ، وَوَاقَعَ الْجَمِيعَ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ بِمَنِّهِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ عَجَزَ عَنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ، وَكَانَتْ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى أَخْذِ الْأَمْوَالِ، وَالْوَقِيعَةِ فِي الْأَعْرَاضِ، وَوَاقَعَهُمَا مَعًا، فَقَدْ لَحِقَهُ الْإِثْمُ فِي فِعْلِهِ، وَالْتَحَقَ بِالْأَوَّلِ بِنِيَّتِهِ إذْ لَوْلَا عَجْزُهُ عَنْهُ لَفَعَلَهُ.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ: مَنْ عَجَزَ عَنْ الدِّمَاءِ، وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ، وَوَقَعَ فِي الْأَعْرَاضِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا فَيَكُونُ آثِمًا فِي الثَّالِثِ لِفِعْلِهِ لَهُ مُلْحَقًا بِأَصْحَابِ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ بِنِيَّتِهِ لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ، وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: إنَّهُ كَانَ حَرِيصًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute