يَنْتَظِرُ بِهَا أَحَدًا؛ لِأَنَّهَا السُّنَّةُ الْمَعْمُولُ بِهَا. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى صَلَاةً لِغَيْرِ مِيقَاتِهَا إلَّا صَلَاتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَصَلَّى الصُّبْحَ قَبْلَ مِيقَاتِهَا» . يَعْنِي بِالْجَمْعِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالصُّبْحِ بِهَا وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ قَبْلَ مِيقَاتِهَا الْوَقْتَ الَّذِي عَادَتُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُوقِعُهَا فِيهِ فَكَانَ يُبَكِّرُ بِهَا عِنْدَ تَحَقُّقِ طُلُوعِ الْفَجْرِ دُونَ مُهْلَةٍ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مَيْمُونَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمَّا أَنْ حَجَّتْ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَطَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَةِ الْمُزْدَلِفَةِ قَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ: إنْ أَصَابَ عُثْمَانُ السُّنَّةَ فَهُوَ يُصَلِّي الْآنَ فَمَا أَتَمَّتْ كَلَامَهَا إلَّا وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ الصَّلَاةَ. ثُمَّ إذَا صَلَّى الصُّبْحَ بِهَا دُفِعَ إلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَالْمَشْعَرَ عَلَى يَسَارِهِ فَيُثْنِي عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ وَلِأَوْلَادِهِ وَلِأَهْلِهِ وَلِجَمِيعِ مَعَارِفِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ وَيَبْتَهِلُ وَيَتَضَرَّعُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الدُّعَاءَ هُنَاكَ مَأْمُورٌ بِهِ، وَهُوَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَرْجُوِّ فِيهَا قَبُولُ الدُّعَاءِ وَيَنْوِي بِذَلِكَ كُلِّهِ امْتِثَالَ السُّنَّةِ يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَى أَنْ يُسْفِرُ الْوَقْتُ الْإِسْفَارَ الْبَيِّنَ.
وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَفْعَلُهُ أَكْثَرُ الْحُجَّاجِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَرْحَلُونَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ وَيَأْتُونَ إلَى مِنًى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقِفُوا بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَيَتْرُكُونَ هَذِهِ السُّنَّةَ الْعُظْمَى وَفِيهَا مِنْ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ مَا لَا يُحْصَى وَكَفَى بِهَا أَنَّهَا سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ مَشْرُوعَةٌ، وَقَدْ تَرَكَهَا أَكْثَرُهُمْ وَمَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ السُّنَنِ فَلَهُ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ. ثُمَّ يُدْفَعُ إلَى مِنًى فَإِذَا وَصَلَ بَطْنَ مُحَسِّرٍ رَمَلَ قَدْرَ رَمْيَةِ الْحَجَرِ وَيَنْوِي بِذَلِكَ امْتِثَالَ السُّنَّةِ أَيْضًا وَإِحْيَاءَهَا ثُمَّ يَمْشِي الْهُوَيْنَا إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى مِنًى فَيَأْتِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيَهَا مِنْ أَسْفَلِهَا، وَهُوَ رَاكِبٌ وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ.
وَلْيَحْذَرْ مِنْ أَنْ يَرْمِيَ فِي جِدَارِ الْجَمْرَةِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَسِبْ بِهِ. وَكَذَلِكَ لَا يَرْمِيهَا بِقُوَّةٍ وَلَا يَضَعُهَا وَضْعًا وَلَكِنْ يَكُونُ رَمْيًا مُتَوَسِّطًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَيْسَتْ لَهُ رَاحِلَةٌ فَلْيَرْمِ، وَهُوَ قَائِمٌ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ الرَّاكِبُ إنْ تَوَقَّعَ هُنَاكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute