للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى زِيَارَةِ شَخْصٍ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ أَرْبَعَةٍ حَتَّى اجْتَمَعَ بِهِ، وَهُوَ عُرْيَانٌ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَسْتُرُهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ بَعْضُ قُضَاةِ الْبَلَدِ، وَرُؤَسَائِهَا، وَهَذَا أَمْرٌ شَنِيعٌ فِي الدِّينِ، وَقِلَّةُ حَيَاءٍ مِنْ عَمَلِ الذُّنُوبِ، وَارْتِكَابِ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، وَتَرْكِ الْفَرَائِضِ إذْ أَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ مُحَرَّمٌ، وَكَذَلِكَ النَّظَرُ إلَيْهَا، وَإِخْرَاجُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا مُحَرَّمٌ اتِّفَاقًا فَيَرْتَكِبُونَ مُحَرَّمَاتٍ جَمَّةً، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ تَمْثِيلٌ مَا، وَإِلَّا فَالْمَفَاسِدُ الَّتِي تَعْتَوِرَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، أَوْ تَرْجِعَ إلَى قَانُونٍ مَعْرُوفٍ فِي الْغَالِبِ

فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْعِلْمِ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ السُّنَّةُ عِنْدَهُ أَعْظَمَ مَطْلُوبٍ، وَيَغَارُ عَلَيْهَا إنْ تَغَيَّرَتْ مَعَالِمُهَا بِأَنْ يُنْسَبَ إلَيْهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا فَإِذَا تَعَارَضَ لِطَالِبِ الْعِلْمِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى السُّنَّةِ، وَزِيَارَةُ مَنْ يُخَالِفُ شَيْئًا مِنْ هَا، فَالتَّرْكُ لِزِيَارَتِهِ مُتَعَيِّنٌ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَتَحْسِينُ الظَّنِّ بِهِ مُخَالِفٌ مَعَ عَدَمِ الِاجْتِمَاعِ بِهِ، وَأَمَّا مَعَ الِاجْتِمَاعِ فَقَدْ يَضِيقُ عَلَيْهِ التَّأْوِيلُ، وَيَخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يُخِلَّ بِجَانِبِ السُّنَّةِ، أَوْ بَعْضِهَا فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ مِنْ الِاجْتِمَاعِ بِشَخْصٍ يَحْتَاجُ أَنْ يَعْتَذِرَ عَنْهُ، أَوْ يَتَأَوَّلَ لَهُ، وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَكَثُرَتْ الطُّرُقُ، وَاخْتَلَفَتْ الْأَحْوَالُ، وَتَشَعَّبَتْ السُّبُلُ.

وَلَوْ قُلْت لِأَحَدِهِمْ مَثَلًا: السُّنَّةُ كَذَا، وَكَذَا قَابَلَك بِمَا لَا يَلِيقُ فَيَقُولُ: كَانَ شَيْخِي يَفْعَلُ كَذَا وَكَذَا، وَمَا هَذَا طَرِيقُ شَيْخِي، وَكَانَ شَيْخِي يَقُولُ: كَذَا، وَكَذَا، وَيُصَادِمُ بِذَلِكَ كُلِّهِ السُّنَّةَ الْوَاضِحَةَ، وَالطَّرِيقَةَ النَّاجِحَةَ، يَا لَيْتَهُمْ لَوْ وَقَفُوا عِنْدَ هَذَا الْحَدِّ لَوْ كَانَ سَائِغًا، بَلْ زَادُوا عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمَخُوفِ، وَهُوَ مَا بَلَغَنِي مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ بَعْضَ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ تَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةٍ، وَنَقَلَ فِيهَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ نَقْلًا تَأْبَاهُ الشَّرِيعَةُ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ: حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَرُدُّ هَذَا فَأَجَابَهُ بِأَنْ قَالَ: حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا يُرَادُ لِلتَّبَرُّكِ، وَالشُّيُوخُ هُمْ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ، وَهَذَا إنْ كَانَ مُعْتَقِدًا لِمَا قَالَهُ كَانَ كَافِرًا حَلَالَ الدَّمِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ فَهُوَ مُرْتَكِبٌ لِكَبِيرَةٍ عُظْمَى

<<  <  ج: ص:  >  >>