عَاقِلًا بَالِغًا ذَكَرًا عَدْلًا مُتَكَلِّمًا قَارِئًا لِلْقُرْآنِ أَوْ لِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقِيهًا بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَالْمُؤَذِّنُ: شَرَطُوا فِيهِ أَيْضًا ثَمَانِيَةَ أَوْصَافٍ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا عَاقِلًا بَالِغًا ذَكَرًا عَدْلًا مُتَكَلِّمًا عَارِفًا بِالْأَوْقَاتِ سَالِمًا مِنْ اللَّحْنِ فِي الْأَذَانِ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ، وَهِيَ: كُلُّ صَلَاةٍ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي جَمَاعَةٍ حَتَّى تَحْصُلَ لَهُ فَضِيلَتُهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ فِي غَيْرِهَا، وَهِيَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، وَصَلَاةُ الْخَوْفِ، وَالْجَمْعُ لِلْمَطَرِ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَإِذَا كَانَ مَأْمُومًا، وَاسْتُخْلِفَ هَذَا الَّذِي يَجِبُ فِيهِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ، فَلَا يَجِبُ لَكِنْ إذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ لَا تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ مَنْ نَوَاهَا، وَإِذَا نَوَاهَا فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ مَعَ ذَلِكَ نِيَّةَ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَقِّ الْعَالِمِ.
وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ أَنَّهُ مَأْمُومٌ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَالْإِمَامَةُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ فَإِذَا عَزَمَ عَلَيْهَا فَلْيَنْوِ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَقُومُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ حَتَّى يُسْقِطَ ذَلِكَ عَنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتَسَارَعَ إلَيْهَا، وَلَا يَتْرُكَهَا رَغْبَةً عَنْهَا، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ جَمَاعَةً تَرَادُّوا الْإِمَامَةَ بَيْنَهُمْ فَخُسِفَ بِهِمْ، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَوَرَّعُ عَنْ الْإِمَامَةِ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ مَنْ يُبَادِرُ إلَيْهَا، وَهُوَ خَطَأٌ أَيْضًا
وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا هَذَا أَعْنِي فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَمَا أَشْبَهَهَا فَيَنْبَغِي لِمَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ أَنْ يُبَادِرَ إلَيْهَا إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ حَالَ الْإِمَامِ، وَأَمَّا مَعَ مَعْرِفَتِهِ فَيَعْمَلُ عَلَى مَا يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: إذَا أَخَذَك وَقْتُ الصَّلَاةِ بِمَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ، فَإِنْ كُنْت فِي بِلَادِ الْمَغْرِبِ فَصَلِّ حَيْثُ كُنْت، وَلَيْسَ عَلَيْك إعَادَةٌ، وَإِنْ كُنْت فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَيَقَعُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ تَعْلَمَ حَالَ الْإِمَامِ أَمْ لَا فَتَعْمَلَ عَلَى مَا تَعْلَمُ مِنْ حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ مَضَتْ صَلَاتُك، وَإِلَّا فَتُعِيدُهَا، وَكَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُعَلِّلُ ذَلِكَ فَيَقُولُ: إنَّ بِلَادَ الْمَغْرِبِ لَا يَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ إلَّا مَنْ أَجْمَعَ أَهْلُ تِلْكَ الْبَلَدِ عَلَى فَضِيلَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute