للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا أَعْرِفُ الْمَوْضِعَ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَقِيلَ لَهُ إذَا خَرَجْت فَانْظُرْ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَصْعَدُ مِنْهُ النُّورُ إلَى السَّمَاءِ فَابْنِ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَ نَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِالنُّورِ الَّذِي قِيلَ لَهُ عَنْهُ قَدْ ظَهَرَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَعَلَّمَ عَلَيْهِ وَبَنَتْهُ الْجَانُّ لَهُ وَلِأَجْلِ هَذَا تَرَى كُلَّ حَجَرٍ مِنْ تِلْكَ الْحِجَارَةِ قَلَّ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى حَمْلِهِ عَشْرَةٌ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَمَّا أَنْ فَرَغَ مِنْ بِنَائِهِ اسْتَوَى عَلَى سَرِيرِهِ وَصَعِدَتْ بِهِ الرِّيحُ إلَى أَنْ خَرَجَ مِنْ فَوْقِهِ فَلَمْ يَعْمَلْ لَهُ بَابًا يَدْخُلُ إلَيْهِ مِنْهُ وَلَا يَخْرُجُ وَكَانَ النَّاسُ إذَا أَتَوْا إلَى زِيَارَةِ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَزُورُونَهُ مِنْ خَارِجِ الْبِنَاءِ وَبَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَفَتَحَ الْمُسْلِمُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَغَيْرَهُ مِنْ بِلَادِ الشَّامِ وَبَقِيَ الْأَمْرُ فِي الزِّيَارَةِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ إلَى أَنْ تَغَلَّبَ الْفِرِنْجُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَخَذُوهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَبَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ إلَى تَمَامِ خَمْسِمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَمَانِينَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو شَامَةَ فِي كِتَابِ الرَّوْضَتَيْنِ فَعَمَدَ الْكُفَّارُ لَمَّا أَنْ كَانَ بِأَيْدِيهِمْ إلَى فَتْحِ بَابٍ فِي ذَلِكَ الْبِنَاءِ وَجَعَلُوهُ كَنِيسَةً وَصَوَّرُوا فِي دَاخِلِ الْبِنَاءِ قُبُورًا فَيَقُولُونَ هَذَا قَبْرُ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَذَا قَبْرُ إِسْحَاقَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَذَا قَبْرُ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَذَا قَبْرُ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَذَا قَبْرُ سَارَةَ ثُمَّ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَيْدِيهِمْ فِي التَّارِيخِ الْمُتَقَدِّمِ الذِّكْرُ فَتَرَكُوا الْبَابَ عَلَى حَالِهِ مَفْتُوحًا وَاِتَّخَذُوهُ جَامِعًا وَبَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ إلَى الْآنَ.

فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا لِمَنْ أَتَى إلَى زِيَارَةِ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يَزُورَهُ مِنْ خَارِجِ الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَالُ أَوَّلًا فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَزُورَ مِنْ دَاخِلِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ خَطَرٌ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْرُ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عِنْدَ الْبَابِ أَوْ مَا قَابَلَهُ أَوْ مَا بَيْنَ ذَلِكَ فَيَدُوسَ عَلَيْهِ حِينَ مَشْيِهِ وَاحْتِرَامُهُ وَاجِبٌ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يَزُورُ إلَّا مِنْ خَارِجِهِ كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ هُنَاكَ فَلْيُصَلِّ خَارِجَهُ وَيَبْسُطْ شَيْئًا يُصَلِّي عَلَيْهِ إذْ أَنَّ خَارِجَهُ مَوْضِعُ الْأَقْدَامِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الْخَطَرُ فِي نَفْسِ الدُّخُولِ إلَيْهِ فَمَا بَالُك بِمَا يَفْعَلُونَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>