ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هُوَ مَوْضُوعٌ وَذَلِكَ الَّذِي نَظُنُّهُ وَمِنْهُمْ مِنْ يَقْتَصِرُ عَلَى وَصْفِهِ بِالضَّعْفِ وَلَا تُسْتَفَادُ لَهُ صِحَّةٌ مِنْ ذِكْرِ رَزِينِ بْنِ مُعَاوِيَةَ إيَّاهُ فِي كِتَابِهِ فِي تَحْرِيرِ الصِّحَاحِ وَلَا مِنْ ذِكْرِ صَاحِبِ كِتَابِ الْإِحْيَاءِ لَهُ فِيهِ وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ مَا فِيهِمَا مِنْ الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ وَإِيرَادِ رَزِينٍ مِثْلَهُ فِي مِثْلِ كِتَابِهِ مِنْ الْعَجَبِ.
فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى اعْتِرَافِهِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحَدِيثَ بِهَا ضَعِيفٌ سَاقِطُ الْإِسْنَادِ مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ مَوْضُوعٌ وَإِلَى مُنَاقَشَتِهِ لِرَزِينٍ فِي كَوْنِهِ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ وَتَعَجُّبِهِ مِنْ ذَلِكَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا بِدْعَةٌ قَالَهُ الْعُلَمَاءُ.
وَقَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِ الْحَدِيثِ بُطْلَانُ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَالْمَنْعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ عُمُومِ مُطْلَقِ الْأَمْرِ الْوَارِدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ فَهِيَ إذَنْ مُسْتَحَبَّةٌ بِعُمُومِ نُصُوصِ الشَّرِيعَةِ الْكَثِيرَةِ النَّاطِقَةِ بِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقِ الصَّلَاةِ وَمِنْهَا مَا رَوَيْنَاهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الصَّلَاةُ نُورٌ» وَمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ» أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ وَلَهُ طُرُقٌ صِحَاحٌ. وَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ نَسَبَ الْحَدِيثَ إلَى ابْنِ مَاجَهْ وَقَدْ خَرَّجَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ الْمُوَطَّإِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ عَادَةِ الْحُفَّاظِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ. ثُمَّ. إنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ مَا رَامَهُ وَبَيَانُهُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة: ٤٣] وَالصَّلَاةُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ تُطْلَقُ عَلَى الدُّعَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٣] أَيْ: اُدْعُ لَهُمْ وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: ٧٧] فَهَذَا أَيْضًا أَمْرٌ مُطْلَقٌ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَيَلَانِ وَالِانْحِنَاءِ.
تَقُولُ الْعَرَبُ سَجَدَ الظِّلُّ إذَا مَالَ وَسَجَدَتْ النَّخْلَةُ إذَا مَالَتْ فَلَوْ تُرِكْنَا مَعَ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ بِالصَّلَاةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ دُونَ بَيَانٍ لَمْ نَعْرِفْ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ مَا هِيَ فَلَمَّا بَيَّنَهَا صَاحِبُ الشَّرِيعَةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ عَلِمْنَا حَقِيقَةَ ذَلِكَ وَتَفْصِيلَهُ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute