صَلَاةِ الرَّغَائِبِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ، وَهُوَ جَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ.
وَالسُّنَّةُ الْمَاضِيَةُ فِي التَّنَفُّلِ الَّتِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا فِعْلُهُ وَقَوْلُهُ وَأَمْرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ زَادَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ السَّهْوِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْعَمْدِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْجُلُوسِ مَا لَمْ يَرْكَعْ فَإِنْ رَكَعَ مَضَى فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يُتِمَّهَا أَرْبَعًا وَيَسْجُدَ قَبْلَ السَّلَامِ فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَقَامَ إلَى خَامِسَةٍ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مَتَى ذَكَرَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ أَكْثَرَ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ.
أَلَا تَرَى إلَى فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا أَنْ «خَرَجَ مَعَ صَفِيَّةَ لَيْلًا فَمَرَّ بِهِ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْرَعَا فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى رِسْلِكُمَا إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فَقَالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيت أَنْ يَقْذِفَ الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا أَوْ قَالَ شَيْئًا» .
فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ أَحَدُهُمَا عِصْمَتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ وَالْأَصْلُ الثَّانِي قُوَّةُ إيمَانِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَكْتَفِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِهَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ حَتَّى بَيَّنَ لَهُمَا مَا الْحَالُ عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ الرُّجُوعُ إلَى الْأَصْلِ كَافِيًا لَمْ يَحْتَجْ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمَا ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلِهَذَا شَوَاهِدُ وَنَظَائِرُ لَا تُحْصَى مِنْ سَائِرِ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ فَقَدْ ذَكَرَ الْخَمْسَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْجَوَابِ عَنْهَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ الشَّوَاهِدِ وَالنَّظَائِرِ الَّتِي قَالَ عَنْهَا وَهِيَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ أَعْنِي عَلَى مُقْتَضَى الِاتِّبَاعِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ مَنْقُولَةٌ مَحْفُوظَةٌ لَا عَقْلِيَّةٌ وَلَا قِيَاسِيَّةٌ.
نَعَمْ الْفُقَهَاءُ يُعَلِّلُونَ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَأَمَّا أَنْ يَخْتَرِعَ الْإِنْسَانُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ شَيْئًا وَيُعَلِّلَهُ بِعَقْلِهِ فَبَعِيدٌ عَنْ وَجْهِ الصَّوَابِ غَيْرُ مَعْقُولٍ عِنْدَ ذَوِي الْأَلْبَابِ. عَلَى أَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى أَصْلٍ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute