للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَدِيثِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «سِيرُوا بِسَيْرِ ضُعَفَائِكُمْ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا تُرَاعَى أَحْوَالُ الْقُلُوبِ وَالنَّاسِ بَلْ حَالُ الضَّعِيفِ.

وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِكُمْ فَلَا يَسِيرُ الْقَوِيُّ إلَّا بِسَيْرِ الضَّعِيفِ. فَعَلَى هَذَا فَقَدْ صَارَتْ الْحَالَةُ وَاحِدَةً. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيَشْهَدُ لَهُ مِنْ الْحَدِيثِ حَدِيثُ صَلَاةِ التَّسَابِيحِ. فَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ التَّسَابِيحِ قَدْ وَرَدَ بِهَا الْحَدِيثُ وَبَيَّنَ كَيْفِيَّتَهَا فِيهِ، فَهِيَ إذَنْ مِنْ الصَّلَاةِ الْمُبَيَّنَةِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا يُقَاسُ مَا هُوَ مُحْدَثٌ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ. وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُدَاوَمُ عَلَيْهَا وَلَا يُجْمَعُ لَهُمَا فِي مَسْجِدٍ وَلَا فِي مَوْضِعٍ مَشْهُورٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى بَيَانِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَهَذَا عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ حَدِيثِ صَلَاةِ التَّسَابِيحِ. فَقَدْ نَقَلَ الْحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ لَهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَيْرِ حَدِيثٍ فِي صَلَاةِ التَّسَابِيحِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ كَبِيرُ شَيْءٍ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْعُقَيْلِيُّ الْحَافِظُ لَيْسَ فِي صَلَاةِ التَّسَابِيحِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ. وَقَوْلُهُ الْخَامِسُ فِعْلُهَا فِي جُمْلَةٍ مَعَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي النَّوَافِلِ مَخْصُوصَةٌ بِالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَوِتْرِهَا. وَجَوَابُهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ لَا تُسَنُّ إلَّا فِي هَذِهِ السِّتَّةِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فِي غَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ. وَفِي مُخْتَصَرِ الرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْإِمَامَةِ فِي النَّوَافِلِ.

وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ لَيْلَةً فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي صَلَاتَهُ مِنْ اللَّيْلِ قَامَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَوَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ فَأَدَارَهُ إلَى يَمِينِهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ التَّصْرِيحُ «بِأَنَّهُ قَامَ يُصَلِّي مُتَطَوِّعًا مِنْ اللَّيْلِ» .

وَثَبَتَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُمْ فِي دَارِهِمْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَصَلَّى بِهِ وَبِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأُمِّ حَرَامٍ. وَفِي رِوَايَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>