لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ، وَأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْأَمْرِ بِمُطْلَقِ الصَّلَاةِ، وَأَنَّ أَنْوَاعَ الصَّلَاةِ كُلَّهَا وَصِفَاتِهَا لَا تُتَلَقَّى إلَّا مِنْ بَيَانِ الرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ وَقَدْ بَيَّنَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأُخِذَتْ عَنْهُ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا أَصْلَ لَهَا كَمَا ادَّعَاهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ ظَهَرَتْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ظُهُورِ مَا حَدَثَ أَنْ يُلْحَقَ بِالْمَشْرُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَكَثُرَتْ الرَّغَائِبُ فِيهَا. فَالرَّغَبَاتُ لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهَا رَغَبَاتِ الْعُلَمَاءِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ أَرَادَ الْعُلَمَاءَ، فَهُوَ بَاطِلٌ إذْ الْعُلَمَاءُ قَدْ أَنْكَرُوهَا كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهُمْ فَلَا عِبْرَةَ بِرَغَبَاتِهِمْ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ اخْتَلَفَتْ الْأَحْكَامُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْعَصْرِ لَانْحَلَّ نِظَامُ الشَّرِيعَةِ.
وَكَيْفَ تُعْتَبَرُ رَغَبَاتُ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ فِيمَا يُحْدِثُونَهُ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَأَوَانٍ وَقَدْ حَفِظَ اللَّهُ الشَّرِيعَةَ بِالْعُلَمَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ أَنْ يُعَكَّرَ عَلَيْهَا بِاجْتِثَاثِهَا مِنْ أَصْلِهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَإِنَّ مَا اخْتَصَّ بِهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ وَسَائِرِ عُلُومِ الشَّرِيعَةِ إلَخْ. فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ إلَى مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَا رَامَهُ مِنْ تَقْرِيرِ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ وَإِظْهَارِهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ لَا لَهُ وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الدِّينِ وَعُمْدَتَهُ إنَّمَا هُوَ كِتَابُ اللَّهِ فَهُوَ مَنْبَعُ الْعُلُومِ وَكُلُّ الْعُلُومِ مَأْخُوذَةٌ مِنْهُ وَمِنْ بَيَانِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْتُبُونَ مِنْ الْقُرْآنِ فِي الصُّحُفِ وَفِي الْجَرِيدِ وَفِي غَيْرِهِمَا عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَذَلِكَ خِيفَةً مِنْهُمْ مِنْ طُرُوِّ النِّسْيَانِ عَلَيْهِمْ أَوْ الْوَهْمِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ. وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ «كُنْت أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا قَالَ فَأَمْسَكْت عَنْ الْكِتَابَةِ حَتَّى ذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إلَى فِيهِ وَقَالَ اُكْتُبْ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute