بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ» انْتَهَى.
وَقَدْ وَرَدَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ اللَّهَ لَيُوقِفُ الْعَبْدَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اسْمُهُ أَحْمَدُ أَوْ مُحَمَّدٌ قَالَ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: عَبْدِي أَمَا اسْتَحَيْتَ مِنِّي وَأَنْتَ تَعْصِينِي وَاسْمُك اسْمُ حَبِيبِي مُحَمَّدٍ فَيُنَكِّسُ الْعَبْدُ رَأْسَهُ حَيَاءً وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي قَدْ فَعَلْت فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيلُ خُذْ بِيَدِ عَبْدِي وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، فَإِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أُعَذِّبَ بِالنَّارِ مَنْ اسْمُهُ اسْمُ حَبِيبِي. فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعِنَايَةُ الْعُظْمَى فِي اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ فَكَيْفَ بِهَا فِي اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى كَفَى بِهَا بَرَكَةً أَنَّهُمْ يَنْطِقُونَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - أَوْ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَتَعُودُ عَلَيْهِمْ بَرَكَتُهُ، فَلَمَّا رَأَى الشَّيْطَانُ هَذِهِ الْبَرَكَةَ وَعُمُومَهَا أَرَادَ أَنْ يُزِيلَهَا عَنْهُمْ بِعَادَتِهِ الذَّمِيمَةِ وَشَيْطَنَتِهِ الْكَمِينَةِ فَلَمْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُزِيلَهَا إلَّا بِضِدِّهَا، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الِاسْمُ يَعُودُ عَلَيْهِمْ بِالضِّدِّ، ثُمَّ إنَّهُ لَا يَأْتِي لِأَحَدٍ إلَّا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَعْرِفُ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ فَلَمَّا أَنْ كَانَ أَهْلُ الْمَشْرِقِ الْغَالِبُ عَلَى بَعْضِهِمْ حُبُّ الْفَخْرِ وَالرِّيَاسَةِ أَبْدَلَ لَهُمْ تِلْكَ الْأَسْمَاءَ الْمُبَارَكَةَ بِمَا فِيهِ ذَلِكَ نَحْوَ عِزِّ الدَّيْنِ وَشَمْسِ الدَّيْنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ عُلِمَ، فَنَزَّلَ التَّزْكِيَةَ مَوْضِعَ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ الْمُبَارَكَةِ، وَلَمَّا أَنْ كَانَ أَهْلُ الْمَغْرِبِ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ التَّوَاضُعُ وَتَرْكُ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ أَتَى لِبَعْضِهِمْ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقْبَلُونَهُ مِنْهُ فَأَوْقَعَهُمْ فِي الْأَلْقَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا بِنَصِّ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالُوا لِمُحَمَّدٍ حَمُّو، وَلِأَحْمَدَ حَمْدُوسٌ، وَلِيُوسُفَ يَسْوَ وَلِعَبْدِ الرَّحْمَن رَحْمُو إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ مُتَعَارَفٌ بَيْنَهُمْ، فَأَعْطَى لِكُلِّ إقْلِيمٍ الشَّيْءَ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقْبَلُونَهُ مِنْهُ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ هَذَا فَكَيْفَ يُتَّبَعُ أَوْ كَيْفَ يُرْجَعُ إلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ سَالِمًا مِنْ التَّزْكِيَةِ وَالْكَذِبِ فَكَيْفَ مَعَ وُجُودِهِمَا وَالْعَالِمُ أَوْلَى بَلْ أَوْجَبُ أَنْ يَنْصَحَ نَفْسَهُ وَيَنْصَحَ جُلَسَاءَهُ وَإِخْوَانَهُ الْمُسْلِمِينَ بِإِظْهَارِ سُنَّةٍ وَالْإِرْشَادِ إلَيْهَا وَإِخْمَادِ بِدْعَةٍ وَالنَّهْيِ عَنْهَا وَالتَّهَاوُنِ بِهَا.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَائِدَةِ إلَّا مَعْرِفَةُ الذُّنُوبِ لَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا وَاَللَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute