لَمَّا أَنْ سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَمَسُّ فَرْجَهَا هَلْ عَلَيْهَا وُضُوءٌ أَمْ لَا فَقَالَ: إنْ أَلْطَفَتْ فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ قِيلَ وَمَا مَعْنَى أَلْطَفَتْ قَالَ أَنْ تَفْعَلَ كَمَا يَفْعَلُ شِرَارُ النِّسَاءِ وَهِيَ أَنْ تُدْخِلَ أُصْبُعَهَا مَعَهَا انْتَهَى.
وَسَبَبُ هَذَا عَدَمُ الْعِلْمِ وَعَدَمُ الْفَهْمِ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - «أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَغْتَسِلُ مِنْ الْحَيْضِ قَالَ: خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً وَتَوَضَّئِي ثَلَاثًا، ثُمَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَحَى وَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ، أَوْ قَالَ تَوَضَّئِي بِهَا. قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَخَذْتُهَا فَجَذَبْتُهَا فَأَخْبَرْتهَا بِمَا يُرِيدُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» انْتَهَى. وَذَلِكَ أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ أَسْوَدُ مُنْتِنٌ لَهُ رَائِحَةٌ فَقَدْ يَشُمُّهَا الرَّجُلُ فَيَكُونُ سَبَبًا لِلْفِرَاقِ، وَالْوُضُوءُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَضَاءَةِ يُقَالُ: وَجْهٌ وَضِيءٌ أَيْ حَسَنٌ نَظِيفٌ فَالْمُرَادُ بِالْوُضُوءِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ تَنْظِيفُ الْمَحَلِّ وَتَطْيِيبُهُ، وَصِفَةُ مَا تَفْعَلُ أَنْ تَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ الْقُطْنِ، أَوْ غَيْرِهِ فَتَجْعَلُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْمِسْكِ وَلَوْ قَلَّ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الطِّيبِ إنْ تَعَذَّرَ الْمِسْكُ فَتُرْسِلَهُ مَعَهَا بِرِفْقٍ وَتَلْحِمُ عَلَيْهِ بِحَفَّاضٍ وَتَتْرُكُهُ حَتَّى تَظُنَّ أَنَّ مَا فِي الْمَحَلِّ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ هَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَيْسَ هُوَ غَسْلُ بَاطِنِ الْفَرْجِ بِالْمَاءِ كَمَا يَزْعُمْنَ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ أَذِيَّةُ لَهَا وَلِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إذَا وَصَلَ إلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ مَعَ الْأَصَابِعِ أَرْخَى الْمَحَلَّ وَبَرَّدَهُ وَوَسَّعَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ فَكَيْفَ مَعَ وُجُودِ الضَّرَرِ وَالْإِخْلَالِ بِالْفَرْضِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهَا أَنْ تَغْسِلَ الْمَحَلَّ كَمَا تَغْسِلُهُ الْبِكْرُ سَوَاءً بِسَوَاءٍ لَا تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمَ أَهْلَهُ وَغَيْرَهُنَّ مِمَّنْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهُنَّ بِمَا أَحْدَثَ بَعْضُ النِّسَاءِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِمَّنْ لَهَا مَنْظَرٌ وَسِمَنٌ فَتَخَافُ إنْ صَامَتْ أَنْ يَذْهَبَ بَعْضُ جَمَالِهَا، أَوْ سِمَنِهَا فَتُفْطِرُ خِيفَةً مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ لَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ اسْتِحْلَالًا فَتَكْفُرُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا عَلَى اعْتِقَادِ التَّحْرِيمِ فَهِيَ مُرْتَكِبَةٌ لِمَعْصِيَةٍ كُبْرَى يَجِبُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: التَّوْبَةُ، وَالْقَضَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute