للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ زَكَاةُ تِلْكَ الْأَوَانِي مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِشُرُوطِهَا مَعَ وُجُودِ الْإِثْمِ، إذْ أَنَّ التَّوْبَةَ عَلَيْهَا وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَأَوَانٍ، وَالتَّوْبَةُ لَا تَصِحُّ مِنْهَا إلَّا بَعْدَ الْإِقْلَاعِ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي تَابَتْ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَا دَامَتْ تِلْكَ الْآنِيَةُ عَلَى حَالِهَا إلَّا بِإِخْرَاجِهَا مِنْ يَدِهَا وَعَنْ مِلْكِهَا لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ لَهَا وَذَلِكَ إذَا تَمَكَّنَتْ مِنْ فِعْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهِ فَتَوْبَتُهَا صَحِيحَةٌ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا اسْتِعْمَالُ الْفِرَاشِ، وَاللِّحَافِ مِنْ الْحَرِيرِ وَذَلِكَ جَائِزٌ لَهَا خَاصَّةً وَأَمَّا زَوْجُهَا، فَقَدْ سَمِعْت سَيِّدِي أَبَا مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: إنَّهُ لَا يَجُوز لَهُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِ لَهَا فَلَا يَدْخُلُ الْفِرَاشَ إلَّا بَعْدَ دُخُولِهَا وَلَا يُقِيمُ فِي الْفِرَاشِ بَعْدَ قِيَامِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ قَامَتْ ضَرُورَةٌ، ثُمَّ تَرْجِعُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ، بَلْ يَنْتَقِلُ مِنْهُ لِمَوْضِعٍ يُبَاحُ لَهُ حَتَّى تَرْجِعَ إلَى فِرَاشِهَا وَإِنْ قَامَتْ وَهُوَ نَائِمٌ فَتُوقِظُهُ حَتَّى يَنْتَقِلَ إلَى مَوْضِعٍ يُبَاحُ لَهُ، أَوْ تُزِيلُهُ عَنْهُ انْتَهَى.

هَذَا حُكْمُ الزَّوْجِ مَعَهَا إنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِالْحُكْمِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهَا الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَتْ جَاهِلَةً بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ مَنْ يُعَلِّمُهُ فَيُعَلِّمَهَا، أَوْ يَأْذَنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ لِتَتَعَلَّمَ وَإِنْ أَبَى أَنْ تَخْرُجَ فَلْتَخْرُجْ وَلَا حَرَجَ عَلَيْهَا وَلَا تَكُونُ عَاصِيَةً وَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى تَحْصِيلِ الْعِلْمِ لَهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَذِنَ لَهَا الْحَاكِمُ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الْأَوْلَادُ الذُّكُورُ فَفِيهِمْ خِلَافٌ، وَالْمَنْعُ أَوْلَى، وَهَذَا الْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي شَأْنِ الْحَرِيرِ فِي الْبُيُوتِ وَأَمَّا فِي الْأَسْوَاقِ، وَالدَّكَاكِينِ فَالزِّينَةُ فِيهَا أَشْنَعُ وَأَقْبَحُ دِينًا وَدُنْيَا؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ فِي الْغَالِبِ خَاصٌّ بِأَهْلِهِ فَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَهْلِ الْأَسْوَاقِ قَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ هَذَا مَعَ مَا فِي الزِّينَةِ فِي الْأَسْوَاقِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَالْمُبَاهَاةِ، وَالتَّفَاخُرِ الْمَوْجُودِ بِالْفِعْلِ، وَالتَّكَاثُرِ بِعَرَضِ الدُّنْيَا الدَّنِيئَةِ وَكَسْرِ خَوَاطِرِ الْفُقَرَاءِ إذَا رَأَوْا ذَلِكَ أَمَّا إضَاعَةُ الْمَالِ فَلِأَنَّهُمْ يُوقِدُونَ الْقَنَادِيلَ عَلَيْهِ لَيَالِيَ الزِّينَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُقْمِرَةً وَتَبْقَى اللَّيْلَ كُلَّهُ مُوقَدَةً وَذَلِكَ إضَاعَةُ مَالٍ لِلزَّيْتِ الَّذِي يَحْتَرِقُ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>