هَذَا الْيَوْمِ مِنْ رَفْعِ بُرْقُعِ الْحَيَاءِ عَنْهُمْ مَا هُوَ شَنِيعٌ فِي ذِكْرِهِ فَكَيْفَ بِرُؤْيَتِهِ فَكَيْفَ بِفِعْلِهِ، وَهُوَ أَنَّ ثِيَابَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ النَّظَرَ لِأَكْثَرِ الْبَدَنِ وَلَا تَمْنَعُ نُعُومَةَ الْبَدَنِ ثُمَّ يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى جِهَةِ أَنَّهُ يَلْعَبُ مَعَهُ وَيُبَاسِطُهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَيَسْتَمْتِعُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَيَتَلَذَّذُونَ بِذَلِكَ كَأَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كُلَّهُمْ نِسَاءٌ لِعَدَمِ حَيَاءِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَيَتَصَارَعُ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ فَمَا أَقْبَحَ هَذَا وَأَشْنَعَهُ عِنْدَ مَنْ يَعْتَقِدُ الْإِسْلَامَ وَيَدِينُ بِهِ كَائِنًا مَا كَانَ فَمَنْ كَانَ بَاكِيًا فَلْيَبْكِ عَلَى غُرْبَةِ الْإِسْلَامِ وَغُرْبَةِ أَهْلِهِ وَدُثُورِ أَكْثَرِ مَعَالِمِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ عِنْدَ بَعْضِ مَنْ يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ أَوْ الدِّينِ فَلَمْ يَبْقَ فِي الْغَالِبِ إلَّا كَمَا قَالَ الْإِمَامُ رَزِينٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا هِيَ أَسْمَاءٌ وُضِعَتْ عَلَى غَيْرِ مُسَمَّيَاتٍ. فَإِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ
(فَصْلٌ)
وَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ إلَى هَذَا الْفِعْلِ الْقَبِيحِ الَّذِي يَفْعَلُونَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ إنْسَانًا مِنْهُمْ فَيُخَالِفُونَ فِيهِ السُّنَّةَ أَعْنِي فِي تَغْيِيرِ ظَاهِرِ صُورَتِهِ وَخِلْقَتِهِ فَيَدْخُلُونَ بِذَلِكَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَعَنَ اللَّهُ الْمُغَيِّرَاتِ وَالْمُغَيِّرِينَ لِخَلْقِ اللَّهِ» ، أَوْ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَيُغَيِّرُونَ وَجْهَهُ بِجِيرٍ، أَوْ دَقِيقٍ ثُمَّ يَجْعَلُونَ لَهُ لَحَيَّةً مِنْ فَرْوَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَيُلْبِسُونَهُ ثَوْبًا أَحْمَرَ، أَوْ أَصْفَرَ لِيُشْهِرُوهُ بِذَلِكَ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ كَسَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ ذُلٍّ وَصَغَارٍ ثُمَّ أَشْعَلَهُ عَلَيْهِ نَارًا» انْتَهَى ثُمَّ يَجْعَلُونَ عَلَى رَأْسِهِ طُرْطُورًا طَوِيلًا ثُمَّ يُرَكِّبُونَهُ عَلَى حِمَارٍ دَمِيمٍ فِي نَفْسِهِ وَيَجْعَلُونَ حَوْلَهُ الْجَرِيدَ الْأَخْضَرَ وَشَمَارِيخَ الْبَلَحِ وَيَجْعَلُونَ فِي يَدِهِ شَيْئًا يُشْبِهُ الدَّفْتَرَ كَأَنَّهُ يُحَاسِبُ النَّاسَ عَلَى مَا يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُمْ مِنْ السُّحْتِ وَالْحَرَامِ فَيَطُوفُونَ بِهِ فِي أَزِقَّةِ الْبَلَدِ وَشَوَارِعِهَا عَلَى الْأَبْوَابِ وَفِي الْأَسْوَاقِ عَلَى أَكْثَرِ الدَّكَاكِينِ وَالْبُيُوتِ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُمْ مَا يَأْخُذُونَ عَلَى شَبَهِ الظُّلْمِ وَالْغَصْبِ وَالتَّعَسُّفِ وَيَأْكُلُونَهُ وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ آذَوْهُ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِ التُّرَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute