الصَّدْرِ لَا تُبْلَغُ بِعَمَلٍ» انْتَهَى. وَيَنْوِي تَرْكَ التَّكَبُّرِ عَلَى إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ وَيَنْوِي تَرْكَ الْإِعْجَابِ بِنِيَّتِهِ وَعَمَلِهِ. وَيَنْوِي السُّؤَالَ عَمَّنْ غَابَ مِنْ الْإِخْوَانِ لَعَلَّ عَارِضًا يَعْرِضُ لِأَحَدِهِمْ فَيَكُونُ قَادِرًا عَلَى إعَانَتِهِ وَإِزَالَتِهِ.
وَيَنْوِي السُّؤَالَ عَنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ لَعَلَّ يَسْمَعُ عَلَيْهِمْ خَيْرًا فَيُسَرُّ بِهِ فَيُشَارِكُهُمْ فِي غَزْوِهِمْ فِي الْأُجُورِ بِالسُّرُورِ الَّذِي وَجَدَهُ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ مَاتَ فَلَمْ تُوجَدْ لَهُ حَسَنَةٌ فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ لِسُرُورِهِ يَوْمًا وَاحِدًا بِمَا ذُكِرَ، وَهَذَا خَيْرٌ عَظِيمٌ مَغْفُولٌ عَنْهُ وَيَنْوِي السُّؤَالَ عَنْ أَمْرِ الْعَدُوِّ وَشَأْنِهِ لَعَلَّ يَسْمَعُ خَبَرًا يَتَشَوَّشُونَ مِنْهُ فَيُسَرُّ بِهِ فَلَهُ أَجْرٌ فِي ذَلِكَ أَيْضًا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَكَذَلِكَ فِي الْعَكْسِ إنْ سَمِعَ عَنْهُمْ مَا يَسُرُّهُمْ تَشَوَّشَ هُوَ فَلَهُ الْأَجْرُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي الْوَجْهِ الَّذِي قَبْلَهُ إنْ سَمِعَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا يُقْلِقُهُمْ جَزِعَ عَلَى ذَلِكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَحْصُلُ لَهُ الْأَجْرُ الْكَثِيرُ أَجْرٌ بِلَا عَمَلٍ وَلَا تَعَبٍ وَلَا نَصَبٍ.
وَيَنْوِي السُّؤَالَ عَنْ ثُغُورِ الْمُسْلِمِينَ فَلَعَلَّ يَسْمَعُ مَا يُسَرُّ بِهِ أَيْضًا مِثْلُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءٌ فِي الْخَيْرِ وَضِدِّهِ لَكِنَّ هَذَا بِشَرْطٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ السُّؤَالِ فَإِذَا حَصَلَ الْمُرَادُ سَكَتَ وَأَقْبَلَ عَلَى مَا يَعْنِيهِ لِئَلَّا يَكُونَ السُّؤَالُ ذَرِيعَةً إلَى التَّحَدُّثِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ، وَقَدْ وَرَدَ التَّحْذِيرُ عَنْهُ لَمَّا «أُثْنِيَ عَلَى رَجُلٍ مَاتَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: لَعَلَّهُ كَانَ يَتَحَدَّثُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ» أَوْ كَمَا قَالَ وَهَذَا الْبَابُ كَثِيرًا مَا يَدْخُلُ مِنْهُ الشَّيْطَانُ عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ يَبْتَدِئُونَ بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ وَبِمَسَائِل الْعِلْمِ وَالْإِقْرَاءِ ثُمَّ يُدْرِجُهُمْ إلَى الْحَدِيثِ فِيمَا لَا يَعْنِي إنْ وَقَعَتْ السَّلَامَةُ مِنْ ذِكْرِ غَائِبٍ أَوْ جِدَالٍ يَقَعُ أَوْ مُفَاوَضَةٌ.
وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ آدَابِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا لَهُ: اعْلَمْ أَنَّ لِلْكَلَامِ شُرُوطًا أَرْبَعَةً: لَا يَسْلَمُ الْمُتَكَلِّمُ مِنْ الزَّلَلِ إلَّا بِهَا وَلَا يَعْرَى مِنْ النَّقْصِ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهَا:
فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ لِدَاعٍ يَدْعُو إلَيْهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي اجْتِلَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute