الَّتِي قَلَّ أَنْ تَسْلَمَ فِي الطَّرِيقِ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ؟ فَجَعَلَهُ عَلَى يَسَارِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ فَلَا يَفْعَلُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَلَى يَمِينِ غَيْرِهِ فَيَجْعَلُهُ إذْ ذَاكَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا سَجَدَ كَانَ بَيْنَ ذَقَنِهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَيَتَحَفَّظُ مِنْ أَنْ يُحَرِّكَهُ فِي صَلَاتِهِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ مُبَاشِرًا لَهُ فِيهَا فَيُسْتَحَبُّ لَهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ لَهُ خِرْقَةٌ أَوْ مِحْفَظَةٌ يَجْعَلُ فِيهَا قَدَمَهُ فَهُوَ أَوْلَى.
وَيَنْوِي مَعَ ذَلِكَ إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا أَمْكَنَهُ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ. وَيَنْوِي امْتِثَالَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ مُنَافَرَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ وَالْمَنَاكِرِ لِمَا قَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ هِجْرَانُ مَنْ هُوَ مُجَاهِرٌ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَيَنْوِي تَرْفِيعَ بَيْتِ رَبِّهِ وَتَوْقِيرَهُ بِأَنْ لَا يَنْشُدَ فِيهِ شِعْرًا وَلَا يَنْشُدَ فِيهِ ضَالَّةً وَلَا يَرْفَعَ فِيهِ صَوْتًا وَلَا يُصَفِّقَ فِيهِ بِكَفَّيْهِ وَلَا يَضَعَ كِتَابًا مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ قَائِمٌ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ بِيَدِهِ ثَوْبٌ فَلَا يَضَعُهُ، وَهُوَ قَائِمٌ فَيَكُونُ لِوَقْعِهِ فِي الْأَرْضِ صَوْتٌ وَرَفْعُ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ قِلَّةِ الْأَدَبِ مَعَ بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ بِيَدِهِ مَفَاتِيحُ فَلَا يُلْقِيهَا مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ قَائِمٌ فَيَكُونُ لِوُقُوعِهَا فِي الْمَسْجِدِ صَوْتٌ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ قَائِمٌ يَكُونُ لَهُ صَوْتٌ فَلَا يَفْعَلُهُ؛ لِئَلَّا يَقَعَ فِي النَّهْيِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَحْتَاجُ أَنْ يَلْبَسَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَيَتَحَفَّظَ أَنْ يُلْقِيَ نَعْلَهُ فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ قَائِمٌ فَيَكُونَ لِوُقُوعِهِ فِي الْأَرْضِ صَوْتٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ أَثَرِ الطَّرِيقِ فَيَقَعَ لِقُوَّةِ الرَّمْيَةِ فِي الْمَسْجِدِ.
وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ بَصَقَ فِي نَعْلِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَلِقُوَّةِ الرَّمْيَةِ يَنْزِلُ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ هَذَا، وَذَلِكَ كُلُّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ مَوْجُودٌ فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: ٣٦] وَقَالَ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنْ الْمَسْجِدِ» .
وَالْقَذَاةُ هِيَ مَا يَقَعُ فِي الْعَيْنِ وَلَا تُبَالِي الْعَيْنُ بِهَا فَإِذَا كَانَ يُؤْجَرُ فِي مِثْلِ هَذَا النَّزْرِ الْيَسِيرِ فَكَيْفَ يُدْخَلُ لَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute