جَمَاعَةً فَجَرَّ ذَلِكَ إلَى هَذَا الْمُحَرَّمِ الَّذِي يَفْعَلُهُ النِّسْوَةُ فِي الْفَرَحِ، وَالْمَوْلِدِ، وَغَيْرِهِمَا، وَزِدْنَ عَلَى ذَلِكَ قِيَامَهُنَّ يَرْقُصْنَ، وَيُعَيِّطْنَ، وَتَأْخُذُهُنَّ الْأَحْوَالُ عَلَى زَعْمِهِنَّ، وَفِي رَقْصِهِنَّ مِنْ الْعَوْرَاتِ مَا لَا خَفَاءَ فِيهِ مِنْ وُقُوعِ الْفِتَنِ، وَفَسَادِ الْقُلُوبِ، وَالتَّشْوِيشِ عَلَى مَنْ فِيهِ دِينٌ، أَوْ خَيْرٌ مَا فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَى خَسْفِ الْقُلُوبِ، وَاتِّبَاعِ الْهَوَى، وَاسْتِعْمَالِ الْعَوَائِدِ الرَّدِيئَةِ، وَقِلَّةِ الْحَيَاءِ مِنْ عَمَلِ الذُّنُوبِ، وَقَلْبِ الْحَقَائِقِ، وَانْقِلَابِ الْمَقَاصِدِ، وَتَرْكِ الِالْتِفَاتِ لِلْمَفَاسِدِ، وَلَا يُمْكِنُ حَصْرُهَا، وَلَا عَدُّهَا فَاللَّبِيبُ مَنْ تَرَكَ هَذَا كُلَّهُ إذْ أَنَّ الْعِلْمَ الَّذِي عِنْدَهُ يُحَرِّمُهُ، وَيَأْمُرُهُ بِتَغْيِيرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَأَقَلُّ مَا يُمْكِنُ فِي حَقِّهِ التَّغْيِيرُ بِالْقَلْبِ، وَأَقَلُّ مَا يُمْكِنُ فِي التَّغْيِيرِ بِالْقَلْبِ أَنْ لَا يَشْهَدَ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ، وَلَا يَتْرُكَ أَحَدًا يَشْهَدُهَا، وَلَا يَرْضَى بِفِعْلِهَا، وَلَا يَذْكُرَهَا سِيَّمَا بِحَضْرَتِهِ بَلْ يَعِيبُ ذَلِكَ، وَيُبَيِّنُ أَمْرَ الشَّرْعِ فِيهِ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ رَزِينٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا قَالَا: لَا يَكُنْ أَحَدُكُمْ إمَّعَةً يَقُولُ: أَنَا مَعَ النَّاسِ إنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنْت، وَإِنْ أَسَاءُوا أَسَأْت، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا لَا تَظْلِمُوا انْتَهَى.
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَزْهَدَ فِي زِيَارَةِ الْأَكَابِرِ، وَالْأَوْلِيَاءِ، وَالصَّالِحِينَ إذْ أَنَّهُمْ مَعْرُوفُونَ بِسِيمَاهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [البقرة: ٢٧٣] ، وَقَالَ تَعَالَى {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} [الفتح: ٢٩] ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ» انْتَهَى.
فَإِنْ خَفِيَ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ أَمْرُ أَحَدٍ مِمَّنْ يَرَاهُ فَلْيَنْظُرْ فِي تُصَرِّفْهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَى السُّنَّةِ فَلْيَشُدَّ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَاقَعَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيَهْرُبْ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لِصٌّ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أُثْنِيَ عِنْدَهُ عَلَى شَخْصٍ كَانَ فِي وَقْتِهِ فَخَرَجَ هُوَ، وَمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ إلَى زِيَارَتِهِ، وَدَخَلَا الْمَسْجِدَ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فَلَمْ يَجِدَاهُ فَجَلَسَا يَنْتَظِرَانِهِ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ، وَدَخَلَ الْمَسْجِدَ تَنَخَّمَ، وَبَصَقَ فِيهِ، فَخَرَجَ هَذَا السَّيِّدُ، وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ مَعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute