للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَلَا مُسْتَدْبِرَهَا، وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتٍ فَيُخْتَلَفُ فِيهِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ، وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ.

وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا قَضَى وَطَرَهُ أَنْ لَا يُعَجِّلَ بِالْقِيَامِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُشَوِّشُ عَلَيْهَا بَلْ يَبْقَى هُنَيْهَةً حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ انْقَضَتْ حَاجَتُهَا، وَالْمَقْصُودُ مُرَاعَاةُ أَمْرِهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوصِي عَلَيْهِنَّ، وَيَحُضُّ عَلَى الْإِحْسَانِ إلَيْهِنَّ، وَهَذَا مَوْضِعٌ لَا يُمْكِنُ الْإِحْسَانُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلْيَجْتَهِدْ فِي ذَلِكَ جَهْدَهُ، وَاَللَّهُ الْمَسْئُولُ فِي التَّجَاوُزِ عَمَّا يَعْجِزُ الْمَرْءُ عَنْهُ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَجَنَّبَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْهُ فَأَنْكَرَهُ وَعَابَهُ، هُوَ النَّخِيرُ، وَالْكَلَامُ السَّقْطُ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِنَّمَا أَنْكَرَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ.

ثُمَّ إذَا فَرَغَ مِنْ قَضَاءِ إرَبِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَغْتَسِلَ لِيَنَامَ عَلَى أَكْمَلِ الْحَالَاتِ، وَإِمَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ لِيَنَامَ عَلَى إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ، وَاخْتُلِفَ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ أَوْ الْوُضُوءُ هَلْ يَتَيَمَّمُ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَنَامُ الْجُنُبُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ فَلْيَتَيَمَّمْ، وَلَا يَنَامُ إلَّا بِوُضُوءٍ أَوْ تَيَمُّمٍ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ الْجِمَاعِ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يَكْثُرُ بِهِ الْإِسْلَامُ، وَيَكُونُ مِنْ الْعُلَمَاءِ الصَّالِحِينَ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنِّي لَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَمَا لِي إلَيْهِنَّ حَاجَةٌ، وَأَطَأهُنَّ وَمَا لِي إلَيْهِنَّ شَهْوَةٌ قِيلَ لَهُ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: رَجَاءَ أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ ظَهْرِي مَنْ يُكَاثِرُ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا نَوَى مَا تَقَدَّمَ، وَفَعَلَ مَا ذُكِرَ أَنْ يَكِلَ ذَلِكَ إلَى مَشِيئَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْ يَفْتَقِرَ إلَيْهِ فِيهِ وَيَتَبَرَّأَ مِنْ مَشِيئَةِ نَفْسِهِ، وَتَدْبِيرِهِ، وَحَوْلِهِ، وَقُوَّتِهِ، وَأَنْ يَكُونَ إذْ ذَاكَ مُتَوَاضِعًا مُتَذَلِّلًا لَعَلَّ أَنْ تُقْضَى حَاجَتُهُ.

وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ كُلِّهِنَّ تَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَمْ يَقُلْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَطَافَ عَلَيْهِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>