للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدُخُولُهُمْ الْمَسْجِدَ بِتِلْكَ الْأَقْدَامِ النَّجِسَةِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَحْذُورِ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا مَا يَفْعَلُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَوُقُودِ الْقَنَادِيلِ وَغَيْرِهَا وَمَا فِي ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي. وَكَذَلِكَ مَا يُفْعَلُ فِي لَيْلَةِ الْخَتْمِ فِي أَوَاخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ مَبْسُوطًا فِي مَوَاضِعِهِ فَلْيُلْتَمَسْ هُنَاكَ.

وَأَمَّا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى لِجَهْلِ الْجَاهِلِ وَسُكُوتِ الْعَالِمِ، حَتَّى صَارَ الْأَمْرُ إلَى جَهْلِ الْحُكْمِ فِيهِ وَاسْتَحْكَمَتْ الْعَوَائِدُ حَتَّى أَنَّ أُمَّ الْقُرَى مَكَّةَ الَّتِي لَهَا مِنْ الشَّرَفِ مَا لَهَا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي مَسْجِدِهَا، وَالسَّمَاسِرَةُ يُنَادُونَ فِيهِ عَلَى السِّلَعِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ وَيُسْمَعُ لَهُمْ هُنَاكَ أَصْوَاتٌ عَالِيَةٌ مِنْ كَثْرَةِ اللَّغَطِ، وَلَا يَتْرُكُونَ شَيْئًا إلَّا يَبِيعُونَهُ فِيهِ مِنْ قُمَاشٍ وَعَقِيقٍ وَدَقِيقٍ وَحِنْطَةٍ وَتِينٍ وَلَوْزٍ وَأُكُرٍ وَعُودِ أَرَاكٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا لَا يَسْتَاكُ مَنْ لَهُ وَرَعٌ بِعُودِ الْأَرَاكِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَبِيعُونَهُ فِي الْمَسْجِدِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُعْلِمَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَيَسْتَاكَ بِهِ حِينَئِذٍ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْهَى عَنْ تَعْلِيقِ الْقَنَادِيلِ الْمُذَهَّبَةِ وَوُقُودِهَا وَالتَّزْيِينِ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ زَخْرَفَةِ الْمَسَاجِدِ وَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَفِيهِ السَّرَفُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ إذْ إنَّ الذَّهَبَ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي تَحْلِيَةِ النِّسَاءِ وَفِي تَحْلِيَةِ الْمُصْحَفِ وَالسَّيْفِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمِنْطَقَةِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْهَى النَّاسَ عَمَّا أَحْدَثُوهُ مِنْ مَشْيِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ وَلَهُمْ طَرِيقٌ سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَبْعَدَ مِنْهُ، وَاِتِّخَاذُ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَهَا هُوَ ذَا قَدْ شَاعَ وَكَثُرَ. وَقَلَّ أَنْ تَجِدَ جَامِعًا إلَّا وَقَدْ اتَّخَذُوهُ طَرِيقًا وَقَلَّ مَنْ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ، وَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ أَحَدًا نَهَى عَنْهُ لَاسْتَحْمَقُوهُ، وَقَدْ يَتَأَذَّى بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْنَعَ النِّسَاءَ اللَّاتِي يَدْخُلْنَ الْجَامِعَ وَيَجْلِسْنَ فِيهِ لِانْتِظَارِ بَيْعِ غَزْلِهِنَّ، وَيَدْخُلُ الْمُنَادِي إلَيْهِنَّ وَمَعَهُ الْغَزْلُ فَيُكَلِّمُهُنَّ فِي الْجَامِعِ وَيُشَاوِرهُنَّ عَلَى ثَمَنِ ذَلِكَ، فَمَنْ رَضِيَتْ مِنْهُنَّ تَقُولُ: قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>