الَّتِي يُضَفِّرُونَهَا فَإِنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنْعُ دُخُولِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى دُخُولِهِمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَغْنَى بِالْمُسْلِمِينَ عَنْهُمْ إذْ إنَّ غَيْرَهُمْ يَقُومُ مَقَامَهُمْ فِي فَرْشِهَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَيَنْهَى النَّاسَ عَنْ إتْيَانِهِمْ إلَى الْمَسْجِدِ بِأَوْلَادِهِمْ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ بِهِ أَوْ يُنْهَوْنَ عَنْهُ إذْ إنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى التَّشْوِيشِ عَلَى الْمُصَلِّينَ حِينَ صَلَاتِهِمْ. أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ فِي صَلَاتِهِمْ وَيَبْكِي الصَّبِيُّ فَيُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّينَ فَيَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَيَزْجُرُ فَاعِلَهُ. وَهَذَا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مَعَ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الرِّجَالِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ مَعَ أُمِّهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْغَالِبَ فِي مَوْضِعِ النِّسَاءِ أَنْ يَكُونَ بِالْبُعْدِ بِحَيْثُ لَا يُشَوِّشُ ذَلِكَ عَلَى الرِّجَالِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَوْلَادِ إذَا كَانُوا مَعَ أُمَّهَاتِهِمْ قَلَّ أَنْ يَبْكُوا بِخِلَافِ الْآبَاءِ وَهَذَا إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي جَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَاتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ. فَإِنْ قِيلَ قَدْ كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ إلَى الْمَسْجِدِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُصَلِّينَ مَعَهُ جَمَاعَةً.
وَقَدْ وَرَدَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُخَفِّفُ صَلَاتَهُ إذَا سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ» . فَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «لَوْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَحَدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ كَمَا مُنِعَهُ نِسَاءُ بَنِي إسْرَائِيلَ» الثَّانِي أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُوَازِيهَا شَيْءٌ وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ قَدْ فُقِدَ فَإِذَا لَمْ تَخْرُجْ الْأُمُّ لِلصَّلَاةِ فَالْإِتْيَانُ بِالْأَوْلَادِ لِلْمَسْجِدِ دُونَ أُمَّهَاتِهِمْ يُمْنَعُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّهْيُ عَنْ الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ جَهْرًا فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَالذَّاكِرِينَ فَهَذَا مِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ يَنْهَى عَنْهُ وَيَزْجُرَ فَاعِلَهُ.
وَيَنْهَى النَّاسَ عَنْ كَتْبِهِمْ الْحَفَائِظَ فِي آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَذَلِكَ يُمْنَعُ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: لِمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ مِنْ اللَّفْظِ الْأَعْجَمِيِّ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا أَنْ سُئِلَ عَنْهُ وَمَا يَدْرِيك لَعَلَّهُ كُفْرٌ.
الثَّانِي: أَنَّ فِيهِ اللَّغْوَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute