فَلَا يُسْمَعُ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْجَمَاعَةِ إذَا أَذَّنُوا عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ لَا يَفْهَمُ السَّامِعُ مَا يَقُولُونَ وَالْمُرَادُ بِالْأَذَانِ إنَّمَا هُوَ نِدَاءُ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ فَذَهَبَتْ فَائِدَةُ مَعْنَى قَوْلِهِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ بَعْضَهُمْ يَمْشِي عَلَى صَوْتِ بَعْضٍ وَالْمُرَادُ بِالْأَذَانِ أَنْ يَرْفَعَ الْإِنْسَانُ بِهِ صَوْتَهُ مَهْمَا أَمْكَنَهُ وَذَلِكَ لَا يُمْكِنُهُ فِي الْجَمَاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
الْخَامِسُ: أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالْأَذَانِ كُلِّهِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَنَفَّسَ فِي أَثْنَائِهِ فَيَجِدُ غَيْرَهُ قَدْ سَبَقَهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَيَحْتَاجُ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى صَوْتِ مَنْ تَقَدَّمَهُ فَيَتْرُكُ مَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِكَ وَيُوَافِقُهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ.
السَّادِسُ: أَنَّهُ قَدْ مَضَتْ عَادَةُ الْمُؤَذِّنِ عَلَى السُّنَّةِ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ عَمِلَ الْحُسْنَ مِنْ تَنَحْنُحٍ أَوْ كَلَامٍ مَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُشْعِرُ بِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُؤَذِّنَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَشْرَعُ فِي الْأَذَانِ هَذَا وَهُوَ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ فَكَيْفَ بِالْجَمَاعَةِ وَمَا ذَاكَ إلَّا خِيفَةَ أَنْ يُؤَذِّنَ وَمَنْ حَوْلَهُ عَلَى غَفْلَةٍ فَقَدْ يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ لِبَعْضِهِمْ رَجْفَةٌ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقِّ الْمُؤَذِّنِ الْوَاحِدِ فَمَا بَالُكَ بِجَمَاعَةٍ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ عَلَى بَغْتَةٍ. وَقَدْ تَكُونُ حَامِلٌ فَتَأْخُذُهَا الرَّجْفَةُ بِذَلِكَ فَتُسْقِطَ وَتَرْتَجِفُ بِذَلِكَ الْأَوْلَادُ الصِّغَارُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ عَقْلٌ ثَابِتٌ وَتَشْوِيشُهُمْ كَثِيرٌ قَلَّ أَنْ يَنْحَصِرَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ جَمَاعَةً هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَجَعَلَ الْمُؤَذِّنِينَ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ كَانُوا يُؤَذِّنُونَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ عَلَى الْمَنَارِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يُؤَذِّنُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ جَمِيعًا إذَا صَعِدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَخَذَ الْأَذَانَ الَّذِي زَادَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا أَنْ كَثُرَ النَّاسُ وَكَانَ ذَلِكَ مُؤَذِّنًا وَاحِدًا فَجَعَلَهُ عَلَى الْمَنَارِ فَهَذَا الَّذِي أَحْدَثَهُ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ كَانُوا فِيمَنْ قَبْلَهُ يُؤَذِّنُونَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ شَيْئًا ثُمَّ أَحْدَثُوا فِي هَذَا الزَّمَانِ عَلَى الثَّلَاثَةِ جَمْعًا كَثِيرًا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ. وَكَذَلِكَ زَادُوا عَلَى الْمُؤَذِّنِ الْوَاحِدِ عَلَى الْمَنَارِ فَجَعَلُوهُمْ جَمَاعَةً وَفِعْلُهُمْ ذَلِكَ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute