سَبْعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ بَعْدَهُ يَضْرِبُونَ بِالْأَبْوَاقِ سَبْعًا أَوْ خَمْسًا فَإِذَا قَطَعُوا حُرِّمَ الْأَكْلُ إذْ ذَاكَ عِنْدَهُمْ. ثُمَّ الْعَجَبُ مِنْهُمْ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَضْرِبُونَ بِالنَّفِيرِ وَالْأَبْوَاقِ فِي الْأَفْرَاحِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَهُمْ وَيَمْشُونَ بِذَلِكَ فِي الطُّرُقَاتِ فَإِذَا مَرُّوا عَلَى بَابِ مَسْجِدٍ سَكَتُوا وَأَسْكَتُوا وَيُخَاطِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِقَوْلِهِمْ احْتَرِمُوا بَيْتَ اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُفُّونَ حَتَّى يُجَاوِزُونَهُ فَيَرْجِعُونَ إلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ إذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي هُوَ شَهْرُ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ وَالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ كُلِّ رَذِيلَةٍ يَأْخُذُونَ فِيهِ النَّفِيرَ وَالْأَبْوَاقَ وَيَصْعَدُونَ بِهَا عَلَى الْمَنَارِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ وَيُقَابِلُونَهُ بِضِدِّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ فِعْلَ التَّسْحِيرِ بِدْعَةٌ بِلَا شَكٍّ وَلَا رَيْبٍ، إذْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَأْثُورَةً لَكَانَتْ عَلَى شَكْلٍ مَعْلُومٍ لَا يَخْتَلِفُ حَالُهَا فِي بَلْدَةٍ دُونَ أُخْرَى كَمَا تَقَدَّمَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ قَدَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا التَّغْيِيرُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ خُصُوصًا كُلٌّ مِنْهُمْ يُغَيِّرُ مَا فِي إقْلِيمِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بِشَرْطِهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَفِي بَلَدِهِ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَفِي مَسْجِدِهِ. {تَنْبِيهٌ} وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَغْتَرَّ أَوْ يَمِيلَ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْبِدَعِ بِسَبَبِ مَا مَضَتْ لَهُ مِنْ الْعَوَائِدِ وَتَرَبَّى عَلَيْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ سُمٌّ وَقَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْ آفَاتِهَا. وَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ الْمَغَارِبَةِ وَكَانَ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي يُسَحِّرُونَ فِيهِ بِالنَّفِيرِ وَالْأَبْوَاقِ لَمَّا أَنْ سَمِعَ الْمُسَحِّرِينَ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ يَقُولُونَ تَسَحَّرُوا كُلُوا وَاشْرَبُوا قَالَ مَا هَذِهِ الْبِدْعَةُ وَأَنْكَرَهَا لِاسْتِئْنَاسِهِ بِمَا تَرَبَّى عَلَيْهِ، وَمَا تَرَبَّى عَلَيْهِ هُوَ أَكْثَرُ شَنَاعَةً وَقُبْحًا وَأَقْرَبُ إلَى الْمَنْعِ مِمَّا أَنْكَرَهُ هُنَا، فَالْعَوَائِدُ قَلَّ أَنْ يَظْهَرَ الْحَقُّ مَعَهَا إلَّا بِتَأْبِيدٍ وَتَوْفِيقٍ مِنْ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَلِأَجَلِ الْعَوَائِدِ وَمَا أَلِفَتْ النُّفُوسُ مِنْهَا أَنْكَرَتْ قُرَيْشٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا جَاءَ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْبَيَانِ وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِكُفْرِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ وَعِنَادِهِمْ بِقَوْلِهِمْ {إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ} [المائدة: ١١٠] {سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: ٢] {سِحْرٌ يُؤْثَرُ} [المدثر: ٢٤] . {أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} [ص: ٦] {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} [ص: ٥] . {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ} [ص: ٧] . {إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} [المؤمنون: ٣٧]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute