الْعِيدِ مِنْ الرِّجَالِ إمَامًا كَانَ أَوْ مُؤَذِّنًا أَوْ غَيْرَهُمَا يُسْمِعُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَفَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى يَعْقِرَ حَلْقَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحْدَثٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَحْسَنَ اللِّبَاسِ وَأَفْضَلَهُ الْبَيَاضُ فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ الْقَوْمِ حَتَّى فِي مَلْبَسِهِ وَزِيِّهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي اللِّبَاسِ فِي الْجُمُعَةِ بِشَرْطِهِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْدُمَ الصَّلَاةَ فَيُوقِعُهَا فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَبَعْضُ الْأَئِمَّةِ يَفْعَلُونَ هَذَا وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَرْتَفِعَ وَعِنْدَ الْغُرُوبِ حَتَّى تَغِيبَ، فَيُوقِعُ بَعْضُهُمْ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُزُوغِ الشَّمْسِ وَهُوَ مَوْضِعُ النَّهْيِ فَيَخْرُجُ إلَى فِعْلِ بِرٍّ فَيَقَعُ فِي ضِدِّهِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ. وَبَعْضُ النَّاسِ يَفْعَلُونَ ضِدَّ هَذَا فَيُؤَخِّرُونَ صَلَاةَ الْعِيدِ حَتَّى تَسْخَنُ الشَّمْسُ وَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ أَيْضًا لِأَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ فِي الْخَارِجِ إلَى الْمُصَلَّى أَنْ يُعَجِّلَ الْأَوْبَةَ إلَى أَهْلِهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي عِيدِ الْأَضْحَى فَيُضَحِّي لَهُمْ إنْ كَانَ مُمْنٍ يُضَحِّي حَتَّى يُفْطِرُوا عَلَى أُضْحِيَّتِهِمْ، وَإِنْ كَانَ فِي عِيدِ الْفِطْرِ فَيَأْكُلُونَ مَعَهُ وَإِنْ كَانُوا قَدْ أَفْطَرُوا قَبْلَ خُرُوجِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى عَلَى تَمَرَاتٍ أَوْ الْمَاءِ كَمَا وَرَدَتْ السُّنَّةُ، وَالْغَالِبُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ الْعِيَالُ وَالْأَوْلَادُ فَيَبْقَوْنَ مُتَشَوِّفِينَ مُنْتَظِرِينَ لَهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْأَفْضَلُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَهُوَ الْوَسَطُ فَالْمُخْتَارُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ ذَلِكَ وَلَا يُؤَخِّرَهَا حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ.
فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ إلَى الصَّحْرَاءِ وَخَطَبَ فَلْيَكُنْ بِالْأَرْضِ لَا عَلَى الْمِنْبَرِ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْقُوتِ لَهُ رَوَيْنَا أَنَّ مَرْوَانَ لَمَّا أَحْدَثَ الْمِنْبَرَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ عِنْدَ الْمُصَلَّى قَامَ إلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَقَالَ يَا مَرْوَانُ: مَا هَذِهِ الْبِدْعَةُ؟ فَقَالَ: إنَّهَا لَيْسَتْ بِبِدْعَةٍ هِيَ خَيْرٌ مِمَّا تَعْلَمُ إنَّ النَّاسَ قَدْ كَثُرُوا فَأَرَدْتُ أَنْ يَبْلُغَهُمْ الصَّوْتُ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَاَللَّهِ لَا تَأْتُونَ بِخَيْرٍ مِمَّا أَعْلَمُ أَبَدًا وَاَللَّهِ لَا صَلَّيْتُ وَرَاءَكَ الْيَوْمَ فَانْصَرَفَ وَلَمْ يُصَلِّ مَعَهُ صَلَاةَ الْعِيدِ انْتَهَى. فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute