تَقَرَّرَ هَذَا عِنْدَهُمْ فَلَا يَتُوبُ أَحَدٌ مِنْ إظْهَارِ الشَّعَائِرِ وَفِعْلِهَا فَمَنْ أَرَادَ السَّلَامَةَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْمَخُوفِ فَلْيُغَيِّرْ ذَلِكَ مَهْمَا اسْتَطَاعَ جَهْدَهُ، فَإِنْ عَدِمَ الِاسْتِطَاعَةَ فَلَا يُصَلِّي فِيهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ؛ لِأَنَّ بِصَلَاتِهِ فِيهِ يَكْثُرُ سَوَادُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَيَكُونُ حُجَّةً إنْ كَانَ قُدْوَةً لِلْقَوْمِ بِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ قَدْ كَانَ سَيِّدِي فُلَانٌ يَحْضُرُهُ وَلَا يُغَيِّرُهُ فَلَوْ كَانَ بِدْعَةً لَمَا حَضَرَهُ وَلَا رَضِيَ بِهِ. وَهَذَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُعْضِلَةٌ إذْ إنَّ إثْمَ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ أَوْ اسْتَحْسَنَهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ أَوْ أَعَانَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَا أَوْ قَدَرَ عَلَى تَغْيِيرِهِ بِشُرُوطِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ أُحْدِثَ فِي الدِّينِ فَلْيَجْتَنِبْ هَذَا جَهْدَهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ مُضْطَرٌّ لِلصَّلَاةِ فِيهِ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ إذْ إنَّ الْفَضِيلَةَ مَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ إنْ كَانَ سَالِمًا مِمَّا ذُكِرَ وَيَتَأَكَّدُ التَّرْكُ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ قُدْوَةٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا حَضَرْت أَمْرًا لَيْسَ بِطَاعَةٍ لِلَّهِ وَلَا تَقْدِرُ أَنْ تَنْهَى عَنْهُ فَتَنَحَّ عَنْهُمْ وَاتْرُكْهُمْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ مَخَافَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ الْحَقَّ إذَا شَهِدَهُ أَوْ عَلِمَهُ» نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِهِ.
فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَسْجِدًا سَالِمًا مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَلْيُصَلِّ فِي بَيْتِهِ فَهُوَ أَفْضَلُ لَهُ وَأَقْرَبُ إلَى رِضَاءِ رَبِّهِ سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ إذْ إنَّ أَقْرَبَ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْمُتَقَرِّبُونَ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْيَوْمَ بُغْضُ الْبِدَعِ وَمَحَبَّةُ السُّنَنِ وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا وَمَحَبَّةُ أَهْلِهَا وَمُوَالَاتُهَا إذْ إنَّ الْفَنَّ قَدْ انْدَرَسَ إلَّا عِنْدَ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ.
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَجَنَّبَ فِي نَفْسِهِ وَيَنْهَى غَيْرَهُ عَمَّا أَحْدَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ إحْضَارِهِمْ الْكِيزَانَ وَغَيْرَهَا مِنْ أَوَانِي الْمَاءِ فِي الْمَسْجِدِ حِينَ الْخَتْمِ فَإِذَا خَتَمَ الْقَارِئُ شَرِبُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ وَيَرْجِعُونَ بِهِ إلَى بُيُوتِهِمْ فَيُسْقُونَهُ لِأَهْلَيْهِمْ وَمَنْ شَاءُوا عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ وَهَذِهِ بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ لَا يَخْتَصُّ بِلَيْلَةِ الْخَتْمِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فَعَلُوا ذَلِكَ فِيهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute