أَلَا تَرَى أَنَّ الْغَالِبَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يُرْسِلُونَ أَوْلَادَهُمْ إلَى الْمَكْتَبِ فِي حَالِ صِغَرِهِمْ لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ تَعَبِهِمْ لَا لِأَجْلِ الْقِرَاءَةِ وَحَامِلُ الْقُرْآنِ يَجِلُّ مَنْصِبُهُ الرَّفِيعُ عَنْ تَرْبِيَةِ مَنْ هَذَا حَالُهُمْ وَفِي إقْرَائِهِ لِغَيْرِهِمْ سَعَةٌ وَفَائِدَةٌ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَلِّمَهُمْ آدَابَ الدِّينِ كَمَا يُعَلِّمُهُمْ الْقُرْآنَ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ الْأَذَانَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا كُلَّ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ قِرَاءَةٍ وَكِتَابَةٍ وَغَيْرِهِمَا إذْ ذَاكَ فَيُعَلِّمُهُمْ السُّنَّةَ فِي حِكَايَةِ الْمُؤَذِّنِ وَالدُّعَاءِ بَعْدَ الْأَذَانِ لِأَنْفُسِهِمْ وَلِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُمْ مَرْجُوُّ الْإِجَابَةِ سِيَّمَا فِي هَذَا الْوَقْتِ الشَّرِيفِ ثُمَّ يُعَلِّمُهُمْ حُكْمَ الِاسْتِبْرَاءِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ وَالرُّكُوعُ بَعْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَتَوَابِعُهَا وَيَأْخُذُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قَلِيلًا قَلِيلًا وَلَوْ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَتْرُكَهُمْ يَشْتَغِلُونَ بَعْدَ الْأَذَانِ بِغَيْرِ أَسْبَابِ الصَّلَاةِ بَلْ يَتْرُكُونَ كُلَّ مَا هُمْ فِيهِ وَيَشْتَغِلُونَ بِذَلِكَ حَتَّى يُصَلُّوا فِي جَمَاعَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ فِي قَضَاءِ حَاجَتِهِمْ يَمْضُونَ إلَى مَوْضِعِ وَقْفٍ أَوْ مَوْضِعِ مِلْكٍ أُبِيحَ لَهُمْ أَوْ إلَى بُيُوتِهِمْ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا سَوَاءً بِسَوَاءٍ وَيُصَلُّونَ جَمِيعًا فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ مُؤَدِّبُهُمْ، فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِمْ مِنْ اللَّعِبِ أَوْ الْعَبَثِ فَيُصَلُّونَ فِي الْمَكْتَبِ جَمِيعًا وَيُقَدِّمُونَ أَكْبَرَهُمْ فِيهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ جَمَاعَةً. وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَوِّدَهُمْ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَلَا يُسَامِحُهُمْ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَلَا يُعَوِّدَهُمْ الصَّلَاةَ أَفْذَاذًا؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا أَعْنِي شُهُودَ الْجَمَاعَةِ هَلْ هِيَ فَرْضٌ أَوْ سُنَّةٌ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي جَمَاعَةٍ. فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ الصَّلَاةِ وَتَوَابِعِهَا رَجَعُوا لِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْوَظَائِفِ فِي الْمَكْتَبِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَقْتُ كَتْبِهِمْ الْأَلْوَاحَ مَعْلُومًا وَوَقْتُ تَصْوِيبِهَا مَعْلُومًا وَوَقْتُ عَرْضِهَا مَعْلُومًا وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ الْأَحْزَابِ حَتَّى يَنْضَبِطَ الْحَالُ وَلَا يَخْتَلَّ النِّظَامُ وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْهُمْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ قَابَلَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ فَرُبَّ صَبِيٍّ يَكْفِيه عُبُوسَةُ وَجْهِهِ عَلَيْهِ وَآخَرَ لَا يَرْتَدِعُ إلَّا بِالْكَلَامِ الْغَلِيظِ وَالتَّهْدِيدِ وَآخَرَ لَا يَنْزَجِرُ إلَّا بِالضَّرْبِ وَالْإِهَانَةِ كُلٌّ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ. وَقَدْ جَاءَ أَنَّ الصَّلَاةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute