للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْصِيَةً مُحَرَّمَةً عَلَيْهِمْ فَقَبِلَهُمْ، وَاجْتَبَاهُمْ، وَنَعَّمَهُمْ، وَخَصَّهُمْ، وَكَفَاهُمْ، وَآوَاهُمْ، وَعَلَّمَهُمْ، وَعَرَّفَهُمْ، وَأَسْمَعَهُمْ، وَبَصَّرَهُمْ، وَحَجَبَهُمْ عَنْ الْآفَاتِ، وَحَجَبَ الْآفَاتِ عَنْهُمْ، وَأَقَامَهُمْ مَقَامَ الطَّهَارَةِ، وَأَنْزَلَهُمْ مَنَازِلَ السَّلَامَةِ، وَأَقَامَ قُلُوبَهُمْ بِذِكْرِهِ فَلَمْ يُرِيدُوا بِهِ بَدَلًا، وَلَا عَنْهُ حِوَلًا صِيَانَةً لَدَيْهِ، وَطَرَبًا، وَاشْتِيَاقًا إلَيْهِ قَدْ أَذَاقَهُمْ مِنْ حَلَاوَةِ ذِكْرِهِ، وَأَلْعَقَهُمْ مِنْ لَذَاذَةِ مُنَاجَاتِهِ، وَسَقَاهُمْ بِكَأْسِهِ فَهُمْ وَالِهُونَ بِهِ لَيْسَ لَهُمْ مَسْكَنٌ غَيْرَهُ تَضْطَرِبُ قُلُوبُهُمْ عِنْدَ فَقْدِهِ حَتَّى تَرْجِعَ إلَى مَوْضِعِ حَنِينِهَا يَحْتَمِلُونَ الْأَشْيَاءَ لَهُ، وَلَا يَحْتَمِلُونَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، وَلَهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْهُ هَدَايَا مُجَدَّدَةٌ فَتَارَةً يَغْلِبُ عَلَى قُلُوبِهِمْ تَعْظِيمُ رَبِّهِمْ، وَجَلَالُهُ، وَتَارَةً يَغْلِبُ عَلَى قُلُوبِهِمْ قُدْرَتُهُ، وَسُلْطَانُهُ، وَتَارَةً يَغْلِبُ عَلَى قُلُوبِهِمْ آلَاؤُهُ، وَنَعْمَاؤُهُ، وَتَارَةً يَغْلِبُ عَلَى قُلُوبِهِمْ تَقْصِيرُهُمْ عَنْ وَاجِبِ حَقِّهِ، وَتَارَةً يَغْلِبُ عَلَى قُلُوبِهِمْ رَأْفَتُهُ، وَرَحْمَتُهُ، وَتَارَةً يَصِيرُونَ إلَى حَنِينِهِ، وَلَهُمْ فِي كُلِّ تَارَةٍ دَمْعَةٌ، وَلَذَّةٌ، وَفِي كُلِّ دَمْعَةٍ وَلَذَّةٍ فِكْرَةٌ، وَعِبْرَةٌ، وَقُلُوبُهُمْ فِي فِكْرَةٍ، وَعِبْرَةٍ مُهْتَاجَةٌ طَرِبَةٌ هَائِمَةٌ لِذِكْرِ اللَّهِ مُسْتَقِلَّةٌ بِهِ عَمَّا سِوَاهُ فَهُمْ يُسْقَوْنَ مِنْ كُلِّ تَارَةٍ مَشْرَبًا سَائِغًا يُذِيقُهُمْ لَذَّتَهُ، وَلَهُمْ فِي كُلِّ مَقَامٍ عِلْمُ زِيَادَةٍ يُعَرِّفُهُمْ مَا يَحْدُثُ لَهُمْ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الزِّيَادَةِ فَلَوْ رَأَيْتَهُمْ، وَقَدْ انْقَطَعَتْ آمَالُ الْخَلْقِ عَنْهُمْ، وَأَفْضَوْا إلَى اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ بِجَمِيعِ رَغَبَاتِهِمْ، وَانْزَاحَتْ الْأَشْيَاءُ الشَّاغِلَةُ عَنْ قُلُوبِهِمْ فَصُمَّتْ عَنْهَا أَسْمَاعُهُمْ، وَانْصَرَفَتْ أَبْصَارُ قُلُوبِهِمْ إلَيْهِ فَلَهَتْ بِهِ عَمَّا سِوَاهُ حَتَّى إذَا جَنَّهُمْ اللَّيْلُ، وَزَجَرَهُمْ الْقُرْآنُ بِعَجَائِبِهِ مِنْ وَعْدِهِ، وَوَعِيدِهِ، وَأَخْبَارِهِ، وَأَمْثَالِهِ شَرِبُوا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ كَأْسًا مِنْ الزَّجْرِ، وَالتَّحْذِيرِ، وَالْأَخْبَارِ، وَالْأَمْثَالِ، وَالْوَعْدِ، وَالْوَعِيدِ، وَوَجَدُوا حَلَاوَةَ مَا شَرِبُوا حَتَّى إذَا صَفَا يَقِينُهُمْ ارْتَفَعُوا إلَى عَظَمَةِ سَيِّدِهِمْ، وَجَلَالِ مَوْلَاهُمْ خَضَعَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُمْ لِلَّهِ، وَخَشَعَتْ كُلُّ جَارِحَةٍ مِنْهُمْ لِسُكُونِهَا إلَيْهِ غَيْرَ مُنْتَشِرَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُومُهُمْ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ لَذَاذَةٌ لِاسْتِمَاعِهِ فَقَدْ كَشَفَ لَهُمْ الْقُرْآنُ عَنْ أُمُورِهِ، وَكَشَفَ لَهُمْ عَنْ عَجَائِبِهِ، وَدَلَّهُمْ عَلَى بَاطِنِ عِلْمِهِ فَيَفْهَمُونَهُ فَيَسْمُونَ بِهِ إلَى جَلَالِ سَيِّدِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>