مِنْ أَجْلِهِمْ شَيْئًا، وَأَحْيَانَا تَعْرِضُ لَهُمْ الْعَوَارِضُ، وَأَحْيَانَا يَسْلَمُونَ مِنْهَا، وَصِنْفٌ قَوِيَ إخْلَاصُهُمْ، وَاسْتَقَامَتْ سَرِيرَتُهُمْ، وَعَلَانِيَتُهُمْ أَخْلَصُوا الْعَمَلَ لِلَّهِ، وَتَرَكُوا الدُّنْيَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ بِهَا، وَنَظَرُوا إلَيْهَا بِالْعَيْنِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ بِهَا إلَيْهَا فَرَأَوْا عُيُوبَهَا فَمَقَتُوهَا، وَصَدَقُوا اللَّهَ فِي مَقْتِهِمْ لَهَا، وَتَرَكُوهَا زُهْدًا فِيهَا، وَصَدَقُوا اللَّهَ فِي ذَلِكَ فَمَاتَ ذَلِكَ مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَذَابَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا فِي قُلُوبِهِمْ قَرَارٌ لِقُوَّةِ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ فِي قُلُوبِهِمْ فَلَمَّا اسْتَوْلَتْ الْعَظَمَةُ عَلَى قُلُوبِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِدُنْيَا، وَلَا لِأَهْلِهَا فِي قُلُوبِهِمْ مُسْتَقَرٌّ، وَلَا قَرَارٌ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْمَنِّ، وَالْفَضْلِ الْعَظِيمِ.
، وَمِنْ الرِّيَاءِ أَنَّ الْعَبْدَ يُرَائِي أَهْلَ الدُّنْيَا بِالدُّنْيَا فِي لِبَاسِهِ، وَمَرْكُوبِهِ، وَمَسْكَنِهِ، وَفُرُشِهِ، وَطَعَامِهِ، وَشَرَابِهِ، وَخَدَمِهِ حَتَّى الدُّهْنَ، وَالْكُحْلَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ يُرِيدُ بِهَا صِيَانَةَ نَفْسِهِ، وَهُوَ رِيَاءٌ، وَلَيْسَ كَالرِّيَاءِ بِالْأَعْمَالِ الَّتِي يُبْتَغَى بِهَا وَجْهُ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَائِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يُخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّارِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «، وَلَكِنَّك فَعَلْت لِيُقَالَ: فُلَانٌ كَذَا كَذَا فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ» .
وَهَذَا الَّذِي رَاءَى بِالتَّكَاثُرِ، وَالتَّفَاخُرِ، وَطَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُكَاثِرًا مُفَاخِرًا مُرَائِيًا لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، وَهَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَسَادِ أَهْوَنُ مِنْ الْبَابِ الْآخَرِ، وَكِلَاهُمَا شَدِيدٌ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُفَاخِرَ إنَّمَا يُرِيدُ إقَامَةَ مَرْتَبَتِهِ عِنْدَ النَّاسِ فَلَوْ كَانَتْ لَهُ الدُّنْيَا كُلُّهَا لَاحْتَاجَ إلَيْهَا؛ لِمَا مَعَهُ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ أَنَّ قَلْبَهُ مَشْغُولٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَنْ طَلَبِ الْآخِرَةِ، وَهُوَ مَعَ هَذَا خَائِفٌ وَجِلٌ مِنْ أَنْ تَنْزِلَ بِهِ نَازِلَةٌ تُغَيِّرُ فَيَتَغَيَّرُ مَنْ كَانَ لَهُ مُطِيعًا فَمَا أَشَدَّ مَضَرَّةَ هَذَا الْبَابِ.
، وَعَلَامَةُ الْمُرِيدِ النَّظَرُ إلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الرِّزْقِ، وَإِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي الْعَمَلِ لِلْآخِرَةِ، وَيَتَوَاضَعُ، وَلَا يُنَافِسُ أَهْلَ الْكِبْرِ، وَالْفَخْرِ، وَالرِّيَاءِ، وَالتَّكَاثُرِ، وَلَا يَأْخُذُ مَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَتْرُكُ مَا تَرَكَ لِنَفْسِهِ، وَمَا أَخَذَهُ فَإِنَّمَا نِيَّتُهُ فِيهِ الْقُوَّةُ عَلَى دِينِهِ، وَإِقَامَةُ فَرَائِضِهِ، وَالِاسْتِغْنَاءُ عَنْ غَيْرِهِ، وَيَدَعُ جَمِيعَ مَا كَانَ لِلنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْعُجْبُ فَأَصْلُهُ حَمْدُ النَّفْسِ، وَنِسْيَانُ النِّعْمَةِ، وَهُوَ نَظَرُ الْعَبْدِ إلَى نَفْسِهِ، وَأَفْعَالِهِ، وَيَنْسَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنَّةٌ مِنْ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute