للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَدِيمِ، وَيَقُومُ بَعْضُهُمْ يَرْقُصُ، وَيَتَوَاجَدُ حَتَّى يَخِرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، وَيُحْضِرُونَ شَيْئًا يَأْكُلُونَهُ هَلْ الْحُضُورُ مَعَهُمْ جَائِزٌ أَمْ لَا؟ أَفْتُونَا يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ.

وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ

يَا شَيْخُ كُفَّ عَنْ الذُّنُوبِ ... قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَالزَّلَلْ

وَاعْمَلْ لِنَفْسِك صَالِحًا ... مَا دَامَ يَنْفَعُكَ الْعَمَلْ

أَمَّا الشَّبَابُ فَقَدْ مَضَى ... وَمَشِيبُ رَأْسِك قَدْ نَزَلْ

فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ مَذْهَبُ هَؤُلَاءِ بَطَالَةٌ، وَجَهَالَةٌ، وَضَلَالَةٌ، وَمَا الْإِسْلَامُ إلَّا كِتَابُ اللَّهِ، وَسُنَّةُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا الرَّقْصُ، وَالتَّوَاجُدُ فَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ أَصْحَابُ السَّامِرِيِّ لَمَّا اتَّخَذَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ قَامُوا يَرْقُصُونَ حَوَالَيْهِ، وَيَتَوَاجَدُونَ فَهُوَ دِينُ الْكُفَّارِ، وَعُبَّادِ الْعِجْلِ، وَأَمَّا الْقَضِيبُ فَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الزَّنَادِقَةُ لِيُشْغِلُوا بِهِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا كَانَ يَجْلِسُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَصْحَابِهِ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمْ الطَّيْرُ مِنْ الْوَقَارِ فَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ وَنُوَّابِهِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ الْحُضُورِ فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُمْ، وَلَا يُعِينَهُمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ.

هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِكِتَابِ النَّهْيِ عَنْ الْأَغَانِي: وَقَدْ كَانَ النَّاسُ فِيمَا مَضَى يَسْتَتِرُ أَحَدُهُمْ بِالْمَعْصِيَةِ إذَا وَاقَعَهَا، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَيَتُوبُ إلَيْهِ مِنْهَا، ثُمَّ كَثُرَ الْجَهْلُ، وَقَلَّ الْعِلْمُ، وَتَنَاقَصَ الْأَمْرُ حَتَّى صَارَ أَحَدُهُمْ يَأْتِي الْمَعْصِيَةَ جِهَارًا ثُمَّ ازْدَادَ الْأَمْرُ إدْبَارًا حَتَّى بَلَغَنَا أَنَّ طَائِفَةً مِنْ إخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ، وَفَّقَنَا اللَّهُ، وَإِيَّاهُمْ اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ، وَاسْتَهْوَى عُقُولَهُمْ فِي حُبِّ الْأَغَانِي، وَاللَّهْوِ، وَسَمَاعِ الطَّقْطَقَةِ، وَاعْتَقَدَتْهُ مِنْ الدِّينِ الَّذِي يُقَرِّبُهُمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَجَاهَرَتْ بِهِ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَشَاقَّتْ بِهِ سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ، وَخَالَفَتْ الْعُلَمَاءَ وَالْفُقَهَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>