للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ آدَابِ الصُّحْبَةِ: لَهُ الصُّحْبَةُ عَلَى وُجُوهٍ لِكُلِّ وَجْهٍ مِنْهَا آدَابٌ، وَلَوَازِمُ. فَالصُّحْبَةُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى بِاتِّبَاعِ أَوَامِرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَدَوَامِ ذِكْرِهِ، وَتِلَاوَةِ كِتَابِهِ، وَمُرَاقَبَةِ الْأَسْرَارِ أَنْ يَخْتَلِجَ فِيهَا مَا لَا يَرْضَاهُ، وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ، وَالصَّبْرِ عَلَى بَلَائِهِ، وَالرَّحْمَةِ، وَالشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِهِ، وَمَا يَنْحُو نَحْوَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ الشَّرِيفَةِ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، وَاجْتِنَابِ الْبِدَعِ، وَتَعْظِيمِ أَصْحَابِهِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، وَمُجَانَبَةِ مُخَالَفَتِهِ فِيمَا دَقَّ وَجَلَّ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ أَصْحَابِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ بِالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِمْ، وَتَقْدِيمِ مَنْ قَدَّمُوهُ، وَحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِمْ، وَقَبُولِ قَوْلِهِمْ فِي الْأَحْكَامِ، وَالسُّنَنِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ»

وَقَالَ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي» ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْخِدْمَةِ وَالِاحْتِرَامِ لَهُمْ، وَتَصْدِيقِهِمْ فِيمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَعَنْ مَشَايِخِهِمْ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنَنِي بِالْمُحَارَبَةِ» ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ السُّلْطَانِ بِالطَّاعَةِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَ بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِمُخَالَفَةِ سُنَّةٍ فَإِذَا أَمَرَ بِمِثْلِ هَذَا فَلَا سَمْعَ لَهُ وَلَا طَاعَةَ، وَالدُّعَاءُ لَهُ بِظَاهِرِ الْغَيْبِ لِيُصْلِحَهُ اللَّهُ وَيُصْلِحَ عَنْ يَدَيْهِ، وَالنَّصِيحَةُ لَهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالْجِهَادُ مَعَهُ.

فَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ» ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ بِبِرِّهِمَا بِالنَّفْسِ، وَالْمَالِ، وَخِدْمَتِهِمَا فِي حَيَاتِهِمَا، وَإِنْجَازِ وَعْدِهِمَا، وَالدُّعَاءِ لَهُمَا فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ مَا دَامَا فِي الْحَيَاةِ، وَحِفْظِ عَهْدِهِمَا بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَإِنْجَازِ عَادَاتِهِمَا، وَإِكْرَامِ أَصْدِقَائِهِمَا فَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ» ، وَعَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ جَاءَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>