تَرَكَ الْحُزْنَ عَلَى مَا فَاتَ فَسَبِيلُهُ شَغْلُ الْوَقْتِ بِالْخِدْمَةِ، وَالْإِيمَان بِالْقَدَرِ.
وَإِذَا وَاصَلَ الْأَحْزَانَ خَوْفًا مِنْ السَّابِقَةِ، وَالْخَاتِمَةِ فَسَبِيلُهُ طَلَبُ التَّقَرُّبِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِانْكِسَارِ الْقَلْبِ، وَجَمْعِ الْهَمِّ، وَإِذَا جَمَعَ هُمُومَهُ عَلَيْهِ فَسَبِيلُهُ الْفِرَارُ مِنْ تَفْرِقَةِ الْقَلْبِ فِي شِعَابِ الْغَفْلَةِ، وَإِذَا فَوَّضَ أُمُورَهُ لِلَّهِ تَعَالَى بِطَرْحِ نَفْسِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ دُونَ اقْتِرَاحٍ عَلَيْهِ فَسَبِيلُهُ اسْتِعْمَالُ الْأَدَبِ مَعَ جَلَالِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَإِذَا تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ لِثِقَتِهِ بِالْمَضْمُونِ فَسَبِيلُهُ شُغْلُ الْوَقْتِ بِالتَّكْلِيفِ، وَإِذَا تَرَكَ رُؤْيَةَ الْأَسْبَابِ حَتَّى اسْتَوَى عِنْدَهُ وُجُودُهَا وَعَدَمُهَا فَسَبِيلُهُ إفْرَادُ الْحَقِّ بِالْخَلْقِ، وَالتَّبَرِّي مِنْ الشِّرْكِ الْخَفِيِّ، وَالْجَلِيِّ كَالْخُبْزِ لَا يُشْبِعُ، وَالْمَاءِ لَا يَرْوِي، وَالثَّوْبِ لَا يُدْفِئُ، وَكَذَلِكَ الْأُمُورُ الْعَادِيَّةُ كُلُّهَا، وَإِذَا تَرَكَ التَّمَلُّقَ لِغَيْرِ الْعُلَمَاءِ فَسَبِيلُهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الضُّرَّ وَالنَّفْعَ إلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَذَلِكَ بِخِلَافِ التَّمَلُّقِ لِلْعُلَمَاءِ وَهُوَ التَّوَاضُعُ، وَالتَّذَلُّلُ لَهُمْ، وَإِذَا افْتَقَرَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ فَسَبِيلُهُ إظْهَارُ صِفَةِ الْعُبُودِيَّةِ، وَإِذَا غَابَ عَنْ الْخَلْقِ بِبَاطِنِهِ، وَلَمْ يَسْعَ إلَيْهِمْ بِظَاهِرِهِ فَسَبِيلُهُ سَدُّ بَابِ الْأُنْسِ بِالْمَخْلُوقِ، وَإِذَا تَرَكَ الْإِقْبَالَ عَلَى أَحَادِيثِ الْعَامَّةِ، وَتَرَكَ التَّشَوُّفَ لَهَا بِصَوْنِ قَلْبِهِ عَنْهَا، وَعِمَارَتِهِ بِذِكْرِ الْحَقِّ فَسَبِيلُهُ سَدُّ بَابِ الْمِحْنَةِ، وَإِطْفَاءُ نَارِ الْفِتْنَةِ، وَخَوْفُ خُسْرَانِ الْآخِرَةِ.
وَإِذَا كَانَتْ نَفْسُ الْمُرِيدِ مُتَطَلِّعَةً لِأَحَادِيثِ النَّاسِ لَمْ يُفْلِحْ أَبَدًا، وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ اسْتِفْتَاحَ بَابِ الْخَيْرِ كُلِّهِ، وَسَدَّ بَابِ الشَّرِّ كُلِّهِ فِي نَفْسِ أَدَاءِ الْمَفْرُوضَاتِ إذْ هِيَ مِعْيَارُ الْقَلْبِ، وَبِهَا تَتَبَيَّنُ الزِّيَادَةُ، وَالنَّقْصُ، وَلَا يَتَوَصَّلُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَذْلِ الْجَهْدِ، وَجَمْعِ النَّفْسِ، وَمَحْضِ الصِّدْقِ، وَشِدَّةِ الْخَوْفِ، وَمُوَاصَلَةِ الْحُزْنِ حَتَّى إذَا اسْتَطَعْت أَنْ تَمُوتَ حِينَ تَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ فَمُتْ فَسَبِيلُ ذَلِكَ كُلِّهِ قُرْبُك مِنْ اللَّهِ، وَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ مَنْزِلَةَ قُرْبِك عِنْدَهُ فَمُلَازَمَةُ الْجَدِّ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لِغَيْرِ الْحَقِّ فِيك مَوْضِعٌ، وَسَبِيلُهُ مُرَاقَبَةُ الْحَقِّ، وَإِجْلَالُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَإِذَا أَرَدْت عِزَّةَ النَّفْسِ، وَصِيَانَتَهَا عَنْ سُؤَالِ الْمَخْلُوقِينَ دَقَّتْ الْحَاجَةُ أَوْ جَلَّتْ فَسَبِيلُهُ طَلَبُ كُلِّ حَاجَةٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَدَبًا مَعَ الرُّبُوبِيَّةِ وَمِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute