مَرْحَبًا بِأُمِّي وَأَجْلَسَهَا عَلَيْهِ» .
وَكَانَ أَكْثَرَ النَّاسِ تَبَسُّمًا وَأَحْسَنَهُمْ بِشْرًا مَعَ أَنَّهُ كَانَ مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ دَائِمَ الْفِكْرَةِ لَا يَمْضِي لَهُ وَقْتٌ فِي غَيْرِ عَمَلِ اللَّهِ، أَوْ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ، أَوْ لِأَهْلِهِ، أَوْ لِأُمَّتِهِ مِنْهُ وَمَا خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ قَطِيعَةُ رَحِمٍ فَيَكُونَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ.
وَكَانَ يَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيُرَقِّعُ ثَوْبَهُ وَيَخْدُمُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ وَيَقْطَعُ اللَّحْمَ مَعَهُنَّ وَيَرْكَبُ الْفَرَسَ وَالْبَغْلَ وَالْحِمَارَ وَيُرْدِفُ خَلْفَهُ عَبْدَهُ أَوْ غَيْرَهُ وَيَمْسَحُ وَجْهَ فَرَسِهِ بِطَرَفِ كُمِّهِ، أَوْ بِطَرَفِ رِدَائِهِ. وَكَانَ يَتَوَكَّأُ عَلَى الْعَصَا، وَقَالَ: «التَّوَكُّؤُ عَلَى الْعَصَا مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ» .
وَرَعَى الْغَنَمَ وَقَالَ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا، وَقَدْ رَعَاهَا وَعَقَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ مَا جَاءَتْهُ النُّبُوَّةُ» . وَكَانَ لَا يَدَعُ الْعَقِيقَةَ عَنْ الْمَوْلُودِ مِنْ أَهْلِهِ وَيَأْمُرُ بِحَلْقِ رَأْسِهِ يَوْمَ السَّابِعِ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً وَكَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ وَيَقُولُ: مَا مِنَّا إلَّا مَنْ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ.
«وَكَانَ إذَا جَاءَهُ مَا يُحِبُّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَإِذَا جَاءَهُ مَا يَكْرَهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» «، وَإِذَا رُفِعَ الطَّعَامُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَآوَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ» وَرُوِيَ فِيهِ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرُ مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا» «، وَإِذَا عَطَسَ خَفَضَ صَوْتَهُ وَاسْتَتَرَ بِيَدِهِ، أَوْ بِثَوْبِهِ وَحَمِدَ اللَّهَ» .
وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرُ جُلُوسِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ.
وَإِذَا جَلَسَ فِي الْمَجْلِسِ احْتَبَى بِيَدَيْهِ. وَكَانَ يُكْثِرُ الذِّكْرَ وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ وَيَسْتَغْفِرُ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ وَكَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُومُ مِنْ السَّحَرِ، ثُمَّ يُوتِرُ ثُمَّ يَأْتِي فِرَاشَهُ فَإِذَا سَمِعَ الْآذَانَ وَثَبَ قَائِمًا فَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَإِلَّا تَوَضَّأَ وَخَرَجَ إلَى الصَّلَاةِ. وَكَانَ يُصَلِّي فِي سُبْحَتِهِ قَائِمًا وَرُبَّمَا صَلَّى قَاعِدًا.
قَالَتْ عَائِشَةُ لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى كَانَ أَكْثَرَ صَلَاتِهِ جَالِسًا. وَكَانَ يُسْمَعُ لِجَوْفِهِ أَزِيزًا كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنْ الْبُكَاءِ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ. وَكَانَ يَصُومُ الِاثْنَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute