عُلَمَاؤُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي الْإِعْلَامِ بِذَلِكَ بِأَنْ يَقِفَ الرَّجُلُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ انْصِرَافِ النَّاسِ مِنْ الصَّلَاةِ فَيَقُولَ: أَخُوكُمْ فُلَانٌ قَدْ مَاتَ بِصَوْتٍ يَجْهَرُ بِهِ عَلَى سُنَّةِ الْجَهْرِ لَا عَلَى مَا يُعْهَدُ مِنْ زَعَقَاتِ الْمُؤَذِّنِينَ وَعَوَائِدِهِمْ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ النَّعْيِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ النِّدَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ أَنَّهُ يَقِفُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَيَجْهَرُ بِصَوْتِهِ كَمَا ذُكِرَ.
وَأَمَّا عَلَى مَا اعْتَادَهُ الْمُؤَذِّنُونَ مِنْ زَعَقَاتِهِمْ فَيُمْنَعُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ثُمَّ يَرْبِطُ الْكَفَنَ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ وَمِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ رَبْطًا وَثِيقًا. ثُمَّ يَأْخُذُ فِي نَقْلِهِ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ الْبَيْتِ إلَى النَّعْشِ وَذَلِكَ كُلُّهُ بِرِفْقٍ وَحُسْنِ سَمْتٍ وَوَقَارٍ.
وَلْيَحْذَرْ عِنْدَ ذَلِكَ مِمَّا يَفْعَلُهُ أَكْثَرُ النَّاسِ وَهُوَ أَنَّهُمْ عِنْدَ إخْرَاجِ الْمَيِّتِ يُقِيمُونَ الصَّيْحَةَ الْعَظِيمَةَ نِسَاءً وَرِجَالًا، وَقَدْ يَخْتَلِطُونَ وَهُوَ الْغَالِبُ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ وَدَاعًا لِلْمَيِّتِ وَقِيَامًا بِحَقِّهِ، وَذَلِكَ كَذِبٌ مِنْهُمْ وَافْتِرَاءٌ لِمُخَالَفَتِهِمْ فِي ذَلِكَ السُّنَّةَ الْمُطَهَّرَةَ، وَالْغَالِبُ أَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ لَطْمُ الْخُدُودِ وَمَا شَاكَلَهُ مِمَّا تَقَدَّمَ مَنْعُهُ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذَا جَهْدَهُ، وَلَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ الْبُكَاءِ الْجَائِزِ فِي الشَّرْعِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ رَفْعُ صَوْتٍ، أَوْ لَطْمٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْ الْعَوَائِدِ الرَّدِيئَةِ الْمَعْهُودَةِ عِنْدَهُمْ الْمَمْنُوعَةِ شَرْعًا.
وَالتَّصَبُّرُ عَنْ الْبُكَاءِ أَجْمَلُ لِمَنْ اسْتَطَاعَ.
وَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ الَّتِي يَفْعَلُهَا أَكْثَرُهُمْ وَهُوَ أَنَّ الْغَاسِلَ إذَا دَخَلَ لِيُغَسِّلَ الْمَيِّتَ يُقِيمُونَ إذْ ذَاكَ الصَّيْحَةَ الْعَظِيمَةَ وَيَفْعَلُونَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَفْعَالِهِمْ الْمَذْكُورَةِ قَبْلُ، بَلْ يَزِيدُ النِّسَاءُ عَلَى ذَلِكَ فِعْلًا قَبِيحًا، وَهُوَ أَنَّ الْغَاسِلَةَ إذَا دَخَلَتْ لِتُغَسِّلَ الْمَيِّتَةَ قَامَ النِّسَاءُ إلَيْهَا بِالشَّتْمِ وَالضَّرْبِ وَهِيَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ ذَلِكَ بِالْعَادَةِ فَتَأْخُذُ حِذْرَهَا وَتَتَخَبَّأُ مِنْهُنَّ وَيَقُلْنَ لَهَا: يَا وَجْهَ الشُّؤْمِ فَتَقُولُ هِيَ لَهُنَّ جَوَابًا: إنَّمَا رَأَيْت الشُّؤْمَ عِنْدَكُنَّ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الرَّدِيئَةِ ثُمَّ بَعْدَ حِينٍ يُمَكِّنَّهَا مِنْ تَغْسِيلِ الْمَيِّتَةِ بَعْدَ أَنْ تَعِظَهُنَّ وَتُذَكِّرَهُنَّ بِأَنَّ هَذَا قَضَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفًا لِلشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ فَلْيُحْذَرْ مِنْهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَكَذَلِكَ يُحْذَرُ مِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute