الْقُمَاشِ وَنَشْرُهُ فَإِذَا نَشَفَ أَعَادَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يَبْيَضَّ وَإِنَّمَا يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِصَارَةِ الْمُبَاحَةِ وَبَيْنَ مَا يَفْعَلُونَهُ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ بِطُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا فَيَسْتَعْجِلُونَ فِي قَصْرِ الزَّمَانِ الَّذِي يُقَصَّرُ فِيهِ حَتَّى يَبْيَضَّ فِيهِ سَرِيعًا وَذَلِكَ سَبَبٌ فِي قِصَرِ عُمْرِ الثَّوْبِ حِينَ اسْتِعْمَالِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَمَنْ أَرَادَ السَّلَامَةَ فَلْيَصْبِرْ مُدَّةً تَبْيَضُّ فِيهَا الْخِرْقَةُ دُونَ مُعَالَجَةٍ لَهَا بِمَا يَضُرُّ بِهَا.
ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُمْ زَادَ عَلَى هَذِهِ الْمَفَاسِدِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْخِرْقَةَ فِي بَيْتِهِ وَيَتَّخِذَهَا سُفْرَةً أَوْ سِمَاطًا.
وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيرَهَا لِغَيْرِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا مُدَّةً وَيَتَعَلَّلُ لِصَاحِبِهَا كُلَّمَا طَالَبَهُ بِهَا بِأَنَّهَا لَمْ تَفْرُغْ قِصَارَتُهَا وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ يَسْتَعْمِلُهَا وَيَتَمَنْدَلُ بِهَا حَتَّى إذَا أَعْيَا صَاحِبُهَا حِينَئِذٍ يَخْرُجُ بِهَا لَيُقَصِّرَهَا وَيَفْعَلُ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَفَاسِدِ فَتَبْيَضُّ فِي أَقْرَبِ وَقْتٍ وَلِذَلِكَ يَكُونُ تَقْطِيعُهَا فِي مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ بَعْدَ لُبْسِهَا لِمَا صَنَعَ فِيهَا مِنْ الْجِيرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّ الصَّنْعَةَ تَقْتَضِي أَنْ يُحَاوِلَهَا بِالْجِيرِ وَالرَّوْثِ وَمَا يُشْبِهُهُ؛ لِأَنَّ الْخِرْقَةَ لَا تَبْيَضُّ إلَّا بِهَا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقِصَارَةَ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا هِيَ بِالْمَاءِ وَالشَّمْسِ لَا بِغَيْرِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
وَهَذِهِ الْمَفَاسِدُ كُلُّهَا مُشَاهَدَةٌ مَرْئِيَّةٌ مِنْهُمْ فَتَجِدُ فِي الْخِرْقَةِ بِسَبَبِ مَا يَتَعَاطَوْنَهُ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أُرُوشًا كَثِيرَةً وَبَعْضُهُمْ يُرْفِيهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَيَسْتُرُ ذَلِكَ بِالصَّقْلِ مَعَ الصَّابُونِ وَيُدَلِّسُ بِذَلِكَ عَلَى صَاحِبِهَا.
وَبَعْضُهُمْ لَا يَنْصَحُ فِي قِصَارَتِهَا بَلْ يُحَسِّنُهَا بِأَشْيَاءَ فَإِذَا لُبِسَتْ ثُمَّ غُسِلَتْ ظَهَرَتْ سُمْرَتُهَا وَقَدْ سَرَى غِشُّهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ إلَى مَنْ يَشْتَرِي الْخِرْقَةَ فَإِنَّهُ يَشْتَرِي الذَّارِعَ مَثَلًا أَوْ أَكْثَرَ بِدِرْهَمَيْنِ فَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ وَغُسِلَتْ تَخْرُجُ فِي أَوَّلِ غَسْلِهِ وَلَا خَفَاءَ فِي تَحْرِيمِ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ.
وَأَشَدُّ مِنْ هَذَا أَنَّ بَعْضَ الْقَصَّارِينَ يَسْتَحِلُّ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَيَتَعَلَّلُ بِأَنَّ الْقُمَاشَ إنْ لَمْ يُلْبَسْ لَمْ تَحْسُنْ قِصَارَتُهُ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبه.
وَبَعْضُ النَّاسِ يَسْتَعْمِلُ الْخِرْقَةَ حَتَّى إذَا تَدَنَّسَتْ دَفَعَهَا إلَى الْقَصَّارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute