ثم لما استولوا عليهم استردوا ذراريهم، وطلبت الروم منهم المقاسمة فيهم حيث صاروا في يد الكفار.
واستفيد من هذه الرواية: أن الروم تأتي من البحر، فلا يلزم من وصولهم دابق أو الأعماق -وهما بقرب حلب- استيلاؤهم على جميع بلاد المسلمين حتى يُظَنّ أن القسطنطينية التي الآن دار الإسلام دامت معمورة به إلى ساعة القيام ترجع دار الكفر والعياذ بالله؛ إذ المراد القسطنطينية الكبرى، كما سيأتي.
نعم؛ يُشْكل عليه قوله الآتي:"فإذا أبصر صاحب القسطنطينية ذلك وجه في البر ثلاث مئة ألف إلى قنسرين"، إلَّا أن يقال: إن صاحب القسطنطينية يُرسلهم مددًا للمسلمين، ولا ينافيه قوله الآتي:(فلما رأوا قِلّةَ المسلمين)؛ لأن ثلاث مئة ألف في جنب ثمانين غاية تحت كل غاية منها اثنا عشر ألفًا قليل، ولاسيما أن ذلك إنما يُقال بعد قتل من قتل، وتحول من يتحول إلى الروم منهم، أو يُقال: إن أهل القسطنطينية لما جاؤوا إلى المهدي تَخْلِفُهم الكفرة في بلادهم، فيأخذونها كما يأخذون أرض الشام، وهذا هو الظاهر.
قال في "القاموس": قسطنطينة، أو بزيادة ياء مشددة، وقد تضم الطاء الأولى منهما: دار مُلكِ الروم. وفتحها من أشراط الساعة، وتسمى بالرومية: بوزنطيا. وارتفاع سورها أحد وعشرون ذراعًا، وكنيستها مستطيلة، وبجانبها عمود عال من دور أربعة أبواع تقريبًا، وفي رأسه فرسٌ من نحاس وعليه فارس، وفي إحدى يديه كورة من ذهب، وقد فتح أصابع يده الأخرى مشيرًا بها وهو صورة قسطنطين؛ بانيها.
وقوله:"ما خلا دمشق": يوافقه ما في الرواية الأخرى أن فسطاط المسلمين عند الملحمة الكبرى دمشق، وعند خروج الدجال بيت المقدس. وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى.
وَالأُرَيط؛ قال في "القاموس": كَزُبير؛ موضع، وقد ذكر في الحديث أنه عند حمص، فيحتمل أن يكون النهر نفسه، أو موضعًا أضيف إليه النهر.
وقوله:"فشهيدهم كشهيد عشرة". . . إلى قوله:"بسبعين شهيدًا"، معناه: