أن لكل شهيد شفاعة يوم القيامة، وأن لشهيد بدر شفاعة سبعين شهيدًا، وأن لهؤلاء الشهداء لكل واحد شفاعة عشرة من أهل بدر، فيكون لكل واحدٍ منهم شفاعة سبع مئة شهيد.
وهذا من قبيل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "للواحد منهم أجر خمسين منكم"، فلا يلزم منه تفضيلهم على أهل بدر مُطلقًا؛ لأن فضيلة الصحبة لا يُعادلها شيء.
وسيأتي أنَّ التحقيق أن جهات التفضيل مختلفة، فيمكن أن يُفضل هؤلاء من جهة وأولئك من جهة أخرى، أو لأن بلاء أحدهم كبلاء عشرة من أهل بدر؛ لكثرة من يقاتلونهم من الروم، ولبعد زمن النبوة عنهم.
ويُؤيده: أن الملائكة المنزلين مددًا لهم أكثر من البدرية بمئة أمثالهم، فإن المقاتلين ببدر من الملائكة كانوا ثلاثة آلاف، وفي ذلك اليوم يكونون ثلاث مئة ألف.
ولا ينافي هذا ما مر في سيرته أنه يُمد بثلاثة آلاف من الملائكة؛ لأن هذا في خصوص هذه الملحمة، وذلك في عموم خلافته.
وعَمُّور: وجدناه في ثلاث نُسخ بغير هاء التأنيث وياء النسب، والذي في "القاموس" وغيره: عَمُّورية بهاء، فَلعل فيه لغةً أو نقصًا من النسخ.
وقول الروم في المرة الأولى:(الصليب مَدّ لنا)؛ معناه: مَدّ الخليج لنا حيث فاض ماؤه وزاد. وفي الثانية معناه: إنكار القول الأول وتكذيب من قال ذلك منهم، فهو بحذف همزة الاستفهام إلى الإنكار.
يدل لذلك قولهم:(كنا نُقاتل العرب فالآن نقاتل ربنا) ... إلخ وتقدير الكلام: أن الله ناصرهم فلا نقدر على قتالهم، فيستسلمون للأسر، والله أعلم.
وقوله:"يابس ويحبس البحر"، أي: يُحبس الخليج.
وقد عبر عن هذه في الرواية الأخرى بفلق البحر، وهذه مُعجزةٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتأييدٌ؛ لما قال بعض العلماء: من أنه لم يكن لنبي من الأنبياء مُعجزة إلَّا وللنبي - صلى الله عليه وسلم - مثلها، والله أعلم بمراد رسوله - صلى الله عليه وسلم -.