ذرية آدم عليه السلام أعظم من فتنة الدجال، وإن الله لم يبعث نبيًا إلَّا حذر أمته الدجال، أنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم، وهو خارجٌ فيكم لا محالة، فخفض فيه ورفع حتى ظَنَنَّاه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك منا، فقال: غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وأنا حجيج كل مسلم، وإن يخرج من بعدي فكلٌّ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، وإنه يخرج من خَلّةً -أي: من طريق- بين الشام والعراق، فيعيث -أي: يفسد- يبعث السرايا والجنود يمينًا وشمالًا، وإن على مقدمته سبعين ألفًا من يهود أصبهان، عليهم رجل أشعر من فيهم يقول: بِرَو، بِرَو؛ أي: اِسعَ اِسعَ".
قال - صلى الله عليه وسلم -: "يا عباد الله؛ فاثبتوا، فإني سأصفه لكم صفة لم يَصِفها إياه نبيٌّ قبلي، وإنه يبدأ فيقول: أنا نبي. ولا نبي بعدي، ثم يُثَنَّي فيقول: أنا ربكم. ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وإنه أعور، وربكم ليس بأعور، وإنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب -أي: حروفًا مهجأة هكذا: (ك ف ر)؛ كما صرح به في بعض الروايات-، وأن من فتنته أن معه جنة ونارًا، فناره جنة وجنته نار، فمن ابتليَ بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف، فتكون عليه بردًا وسلامًا؛ كما كانت النار على إبراهيم، وأن من فتنته كذا وكذا، وقد ذكرناها مُفصلًا، وأن معه اليسع عليه السلام يُنذر الناس؛ يقول: هذا المسيح الكذاب فاحذروه لعنه الله، ويعطيه الله من السرعة ما لا يلحقه الدجال.
وفي رواية:"أنَّ بين يديه رجلين يُنذران أهل القرى، كلما دخلا قرية أنذرا أهلها، فإذا خرجا منها دخلها أول أصحاب الدجال، ويدخل القرى كلها غير مكة والمدينة، فيمر بمكة فإذا هو بخَلْقٍ عظيم، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا ميكائيل بعثني الله لأمنعك من حرمه. ويمر بالمدينة فإذا هو بخَلْقٍ عظيم، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا جبريل بعثني الله لأمنعك من حرم رسوله".
وفي رواية: "وإنه لا يبقى شيءٌ من الأرض إلَّا وطئه وظهر عليه، إلَّا مكة والمدينة؛ فإنه لا يأتيهما من نقب من أنقابهما إلَّا لقيه الملائكة بالسيوف صَلتةً فيمر بمكة، فإذا رأى ميكائيل ولى هاربًا، ويصيح فيخرج إليه من مكة منافقوها، ويمر