في حقهم إنهم ملحقون بالقرون الثلاثة التي هي خير القرون؟ !
ومنها: أن الخَضِر الذي يُخاطب ربه ويُناجيه، ويُجيبه ربه ويناديه؛ لم لا يسأل ربه أن يعلمه شرائع الإسلام من غير واسطة أحد حتى يتعلم من قبر أبي حنيفة - رضي الله عنه -؟ !
ومنها: أن الخَضِر إما أن يكون مأمورًا بتعلم شرع النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لا، فإن كان مأمورًا به فتركه التعلم إلى زمن أبي حنيفة - رضي الله عنه -، بل إلى بعد موته، وهو إنما مات في سنة مئة وخمسين تَركٌ للواجب.
وكيف يجوز للمعصوم أن يترك الواجب مئة وخمسين سنة؟ ! إذ الأصح أنه نبي وإن لم يكن مأمورًا بذلك، وإنما هو زيادة تحصيل للكمال، فلم لم يأخذه من النبي - صلى الله عليه وسلم - غضًا طريًا؟ ! وإن لم يعلم أنه كمال إلا بعد موت أبي حنيفة - رضي الله عنه - فقد جوز الجهل بالكمال على الأنبياء.
ومنها: أن عيسى عليه السلام معصومٌ مُطلقًا، والمهدي معصومٌ في الأحكام، والإمام أبو حنيفة - رضي الله عنه - مُجتهدٌ، والمجتهد قد يُصيب وقد يُخطئ، ولذا خالفه صاحباه في أكثر من ثلث قوله، فكيف يُقلد من لا يُخْطِئُ قط من يُخْطِئُ ويصيب؟ !
ومنها: أن جميع فقه أبي حنيفة - رضي الله عنه - يمكن أن تُجمع أصوله وفروعه في كتاب واحد، أو في كتابين، فما الذي في ألف كتاب؟ ! إن كان معرفة الله أو الحقائق أو السلوك أو غير ذلك يلزم أن يكون عيسى عليه السلام ما كان عرف الله قبل ذلك واعتقاد ذلك كُفرٌ، وإن كان غير ذلك فليبين ما فيها.
ومنها: أن من مذهب الإمام أبي حنيفة - رضي الله عنه - أن يقبل الجزية من الكفار ويخرج الزكاة، ويبقي الصليب والخنزير في يدهم، وأن لا يجمع بين الصلاتين، وعيسى عليه السلام لا يقبل الجزية، ولا يُخْرِجُ الزكاة، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، وتُجمع له الصلاة ... إلى غير ذلك.
فإن كانت هذه الأحكام في كتب أبي القاسم القشيري فقد خالف أبا حنيفة - رضي الله عنه -، فيلزم أن يكون مُجتهدًا مطلقًا، وحينئذ فيكون الفضل له لا لأبي حنيفة.