للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونقل الآمدي عن أبي هاشم قوله: "إن التكليف قد يكون بأن لا يفعل العبد، مع قطع النظر عن التلبس بضد الفعل، وذلك ليس بفعل" (١).

وهذا القول من أبي هاشم له مأخذ عقائدي، هو سبب خلافه - فيما يظهر لي -، وذلك أن المعتزلة يقولون بأن الأحكام التكليفية ثابتة بالعقل وأن الشرع إنما يرد موافقًا لها، ومثل هذا يظهر في النهي، فإن النهي إذا كان متعلقه العدم الأصلي وهو ثابت قبل ورود التكليف، كان ذلك دليلًا على أن الأحكام التكليفية ثابتة قبل الشرع وذلك لثبوت متعلقها قبله، إذ لا يمكن ثبوت الأحكام بعد متعلقاتها، وحيث وجد متعلق الحكم قبل الشرع: ثبت الحكم أيضًا قبل الشرع؛ وليس هناك ما يثبته قبل الشرع سوى العقل، وهذا هو ما تقتضيه أصول المعتزلة.

[الأدلة]

[استدل الجمهور بـ]

(١) أن "المنتهي بالنهي يثاب، ولا يثاب إلا على شيء، وأن لا يفعل عدم وليس بشيء، ولا تتعلق به قدرة، إذ القدرة تتعلق بشيء، فلا يصح الإعدام بالقدرة (٢)، وإذا لم يصدر منه شيء، فكيف يثاب على لا شيء " (٣).


= ط. الأولى (٢٠٠١ م)، دار الفضيلة - الرياض.
(١) الإحكام في أصول الأحكام (١/ ١٩٧).
(٢) أي: لا يصح أن يتعلق العدم بالقدرة.
(٣) قاله الغزالي في المستصفى (١/ ٣٠٠).