السنة من كل وجه، وما أوقعهم في ذلك إلا الغفلة عن التأصيل العلمي لمسألة الترك.
٥ - أن هناك مسائل معاصرة تتعلق بمسألة الترك، وتأصيل هذه المسألة تأصيلًا واضحًا يُنهى الخلاف في هذه المسائل، ويضع المرء منها على بيِّنة وبصيرة، ويقضي على الجدل الواسع، والخلاف العريض، والنقاش الطويل، مع ما يصحب ذلك أحيانًا من الخروج على آداب الخلاف، كالطعن في النيات، والاتهام بالجمود والتخلف والرجعيَّة؛ والخلاف إذا رَجَعَ إلى أصل يحتكم إليه سَهُل التغلب عليه، وأدى إلى توسيع المدارك، وإلى أن يعذر الناس بعضهم بعضًا فيما يذهبون إليه.
وقد هيأ الله تعالى فارسًا هُمامًا أُوتي الجلد في البحث والنظر والتتبع والاستقراء، وكشف عن أهميَّة هذا الموضوع بحسن تقسيمه، وسلاسة أسلوبه، وجميل تأصيله، وأحسب أن كل ما ذكرت من أهداف قد حققه الباحث في هذه الرسالة، فبارك الله في جهوده.
ثانيًا: وجوب إعادة النظر في طريقة التمثيل في كتب الأصوليين.
اعتادت الكتابة الأصولية - وبالأخص المتأخرة منها - عادة غير حميدة؛ وهي: أن كثيرًا ممن يكتب في الأصول جرى في الكتابة والتأليف على عادة المتكلمين؛ حيث الصعوبة في العبارة إلى درجة الإغلاق، وتجريد القواعد الأصولية من الأمثلة العمليَّة، أو ذكر المثال لمجرد التمثيل على القاعدة حتى وإن كان المثال في ذاته صحيحًا، والخلل في كتب بعض الأصوليين من هذه الجهة من وجهين: الأول: وجود قواعد لا فروع لها. والثاني: عكس الأمر