للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما سبق يتبين أن البدعة استُعلمت بمعنيين:

الأول: المعنى اللغوي.

الثاني: المعنى الاصطلاحي.

فالبدعة بالمعنى اللغوي تنقسم إلى الأقسام المعروفة السابقة الذكر، والبدعة بالمعنى الشرعي لا تكون إلا مذمومة.

[المسألة الثالثة: حكم البدعة الشرعية وعلاقتها بالترك]

البدعة الشرعية لا تكون إلا مذمومة - بخلاف البدعة اللغوية - وقد ذهب الشيخ عبد الله دراز إلى أن ذلك محل اتفاق، فقال: "لا يسع مسلمًا فضلًا عن إمام من أئمة المسلمين أن يفصل فيها بين مستحسن وغير مستحسن، إذ لا خفاء أن كل اختراع في الدين لما لا دليل عليه من جهة الشرع إنما هو اغتصاب لمنصب الشارع واستدراك عليه، وهذا إن كان مقصودًا للمبتدع فهو كفر بواح، وإلا فأقل ما يقال فيه: أنه باطل مردود على صاحبه" (١).


(١) الميزان بين السنة والبدعة (ص ٤٤). وهذا الذي ذكره الشيخ عبد الله دراز ذكره غير واحد كالشيخ علي محفوظ وغيره - وقد مرَّ قبل قليل قول الشيخ نجيب المطيعي - وإنما صدرت قول الشيخ عبد الله دراز وذلك لأن كثيرًا من الأكاديميين - ممن يشغب على القائلين بهذا القول ويتهمهم بقلة العلم وكثرة التعصب والجهل - يرفعون كثيرًا من شأن الشيخ ويحتجون به ويعظمون كلامه وآراؤه، وقُلْ مثل ذلك في الشيخ محمد الغزالي رحمه الله وغفر له، وسيأتي الاستشهاد بكلامه بعد قليل، ومن عجيب شأن هؤلاء أنهم عندما تكون نصوص هؤلاء الرجال على غير ما يريدون ويروجون له تظهر القواعد التي طالما حاربوها من أن الحق لا يعرف بالرجال واللبيب يغنيه قليل الفعال عن كثير الكلام!!