للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذهب غيرهم إلى جواز ذلك وعدم بدعيته لكونه لا يتقرب به بذاته.

[وسوف أناقش هذه المسألة في عدة نقاط]

أولًا: ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسوي الصفوف، وكان يقول: "لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" (١)، ولذا فقد اتفقت كلمة العلماء على أن استواء الصف أمر مستحب (٢)، ولا نزاع في أن تلك الخطوط لم تكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه، وإنما أحدثت في القرون التالية، وهي إنما توضع لأجل ضبط الصفوف وهذا مما لا نزاع فيه أيضًا.

إذن: فمحل البحث هنا أمور:

أولها: هل جدَّت حاجة إلى تلك الصفوف تزيد عن الحاجة إليها في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؟

ثانيهما: هل إحداث تلك الخطوط يراد به التقرب لذاته أم أنه وسيلة - مباحة في الأصل - لإتمام أمر مستحب؟

ثالثهما: ما هو الفارق بين تخطيط السجاد بخطوط لضبط الصف، وبين وضع سجادة لكل صف، إذ كلاهما وسيلة - مباحة - لتحقيق الطاعة وكلاهما لا يقصد به التقرب بذاته؟

أما الأمر الأول: فالذي أراه أن حاجة الناس إلى تلك الخطوط زائدة


(١) رواه البخاري (٢/ ٢٤٢ / ٧١٧) كتاب الأذان، باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها، ومسلم (١/ ٣٢٤ / ٤٣٦) كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها.
(٢) انظر: فتح الباري (٢/ ٢٤٥)، شرح صحيح مسلم للنووي (٤/ ٣٧٥)، المجموع (٣/ ١٢٢)، الموسوعة الفقهية الكويتية (٢٧/ ٣٥).