عن ذي قبل، وذلك لكبر حجم المساجد وانتشار الجهل بالقبلة بين الناس، ويتضح ذلك إذا حذفت تلك الخطوط إذ نادرًا ما يستقيم الصف.
أما الأمر الثاني: فالذي يظهر أن تلك الخطوط لا تفعل تقربًا بذاتها، إذ لا يقول أحد بأنه يفعل ذلك لأنه مستحب أو أنه طاعة أو قربة، وإنما لأجل أن ذلك معِينٌ على ضبط الصف، وهو بذلك لا يمكن الحكم عليه بالبدعية، إذ أهم ضوابط البدعة هو قصد التقرب بذات الفعل، ولو قال قائل: إنما نضع تلك الخطوط لأنها قربة ومستحبة يتعلق بفعلها أجر، لكان ذلك بدعة بلا شك.
ثم إن هذا الفعل ليس من جنس القربات، ولا يصح التقرب به إلا بالنية، وذلك بخلاف الأفعال التي لا تقع إلا على وجه القربة كالأذان والصلاة وغير ذلك.
أما الأمر الثالث: فالذي يظهر أنه لا فارق بينهما فكلاهما وسيلة - مباحة في الأصل - يقصد بها تحصيل أمر من أمور الطاعات، وهذه الوسيلة لا تقع بذاتها على وجه القربة والعبادة فلابد من النية لكي يقصد بها التقرب.
ولذا فالذي يميل إليه الباحث أن ذلك الفعل من الوسائل المعينة على إتمام أمر مستحب، والأصل فيه الجواز، وليس بدعة لفقدان شرط التقرب، وليس مصلحة ملغاة وذلك لما يظهر من حاجة الناس إليها في هذا الزمان عن ذي قبل (١).
(١) وممن أفتى بجواز ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.